الجمهورية
صالح ابراهيم
قوة ناعمة.. كتبها دافئة!!
* انه العام التاسع والأربعون وسط احتمالات برد يناير القارس.. تحتمي أرض المعارض بمدينة نصر من ممارسات طقس طوبة وتقلباته في اتجاه جليدي مع تمكن التغيرات المناخية من خريطة الطقس العالمية.. تنفرد بدفء من نوع خاص.. انه دفء الكتاب والفكر والإبداع يصاحبه أضواء متلألئة باهرة.. تتمثل بالملايين من الكتب.. عصير الابداع والتأليف والترجمة تسبح قوتنا الناعمة إلي آفاق عالية شامخة.. تنشر الروائح الطيبة بين آلاف وملايين هم ضيوف هذا الحدث.. الذي عبر الصعاب والتحديات إلي قمة النضج والاكتمال مما جعله يتقدم إلي المركز الثاني علي مستوي العالم.. مباشرة بعد المعرض الدولي بفرانكفورت وبين معرض القاهرة وفرانكفورت.. آلاف من الفراسخ تأتي المعارض المماثلة هنا وهناك.
** نجح معرض القاهرة بالتجديد والرعاية في حجز مكانة رفيعة وتأثير كبير في الحياة الثقافية العربية وليست المصرية فقط جعلت الجميع ينتظرون المناسبة من العام للعام ليحضروا لتدفئة عقولهم وتجديد إبداعات قلوبهم والاطمئنان علي ثراء ثرواتهم في نفس الموعد من كل عام.. النصف الثاني من مطلع عام جديد وان اختلف التوقيت ليوم أو عدة أيام يحافظ علي ديمومة الخمس عشر يوما تحتشد خلالها الحياة بأعلي النبرات والحوارات.. الندوات والسهرات.. تمضي كأنها دقائق معدودة ولحظات ساخنة يتساءل بعدها الناس.. ماذا حدث وكيف.. ولماذا انتهي التدفق والزحام كأنه قطرة في بحر عميق عالي الأمواج.. ورغم انتقال الجزء الرئيسي من المعرض إلي العاصمة الثانية الإسكندرية.. إلا ان زخم أرض المعارض بمدينة نصر التي يقام عليها الدورة الحالية لآخر مرة قبل الانتقال إلي موقع حضاري كبير تظل دنياه متميزة وأحداثه لا تنسي وصفقات مبيعاته غير قابلة للتكرار.
** يجسد معرض القاهرة الدولي للكتاب قوة الوطن الناعمة ويقدم في دورته الجديدة شهادة صلاحية وتأكيد مكانة للكتاب المطبوع نلخصها في أرقام سريعة.. مشاركة 27 دولة عربية وافريقية وخارجية قدم منها 848 ناشرا ومعهم ملايين العناوين في جميع اتجاهات المعرفة والثقافة واستنفار القدرات والمواهب.. ودعم ذلك الجسر السحري بين المتلقي والمبدع.. مهما كانت اللغة أو الفكرة أو التناول للمحتوي انها تشارك جميعاً.. في الارتواء من عطش لا يرويه الأنهار والبحيرات ولا ننسي الدور المحوري لسور الأزبكية البديل الناجح لهواة الاقتناء الذين لا يستطيعون شراء الكتب بأسعارها الرسمية.. يتدربون علي النقاط الجواهر الثمينة من الكتب المستعملة.. التي يتخصص في التقاطها هؤلاء الكتاب.. اشتهروا ومعهم سور الأزبكية وفي المعرض الجديد 167 نافذة تسري حركة البيع.. تجذب هواة القراءة.. وتنشط علي الأقل الفرجة في الأجنحة المختلفة.
** ها نحن علي مدي 49 عاما تنمو زهور القوة الناعمة.. أشجاراً وافرة الظلال والثمار.. مناظرات تلقائية بينهم ونظرائهم القادمين من العالم سواء في أجنجة الدول أو التواجد المكثف للدولة ضيف المعرض وبعد استضافة السعودية وروسيا والكويت والمغرب.. تأتي هذا العام الجزائر الشقيقة بتاريخها الحافل بالنضال وتراثها المشرف للحفاظ علي الهوية العربية وافشال كل محاولات الفرنجة واغتيال لغة الضاد.. أما شخصية المعرض لكاتبنا الكبير الراحل عبدالرحمن الشرقاوي وتنوع انتاجه بين الشعر والنثر والقصة والرواية والتاريخ.. سجل مسيرة الخلفاء الراشدين.. وشارك في كتاب فيلم "الرسالة" اقتحم الأفلام العالمية عن ظهور الإسلام والمدافع عن مصر وكفاح شعبها من خلال عمله الابداعي والأرض ولا ننسي مسرحيته الشعرية ذات الأهداف المتكاملة "الفتي مهران" وكذلك الشوارع الخلفية والناصر صلاح الدين.
** وشارك الشرقاوي في سيناريو فيلم جميلة بوحريد مع يوسف السباعي ونجيب محفوظ.. مما يجد صلة مباشرة بتواجد القوي الناعمة التي هي شعار الدورة الجديدة والمشاركة الجزائرية التي حشدت وفدا كبيرا من مبدعي الجزائر بينهم الروائية الكبيرة احلام ستنافس بـ 3500 عنوان بجناح ضيف الشرف وحرصت علي تكريم القامات الثقافية والفنية والأدبية المصرية التي شاركت في نضال الاستقلال.
** ورغم المشكلات المعتادة التي يواجهها المعرض مثل تزوير الكتاب وارتفاع الجمارك ونفقات النقل والسعر النهائي للكتاب في ضوء تعويم الجنيه أمام الدولار.. إلا ان الكتاب المطبوع مازال يتنفس من تحت مياه الالكترونيات.. يحدث دائماً الأثر الأكبر المتابع من الملايين ويصدق دائماً قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
أنا من بدل بالكتب الصحابا ... لم أجد لي وفياً إلا الكتابا ... نعم خير جليس في الحياة كتاب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف