الأخبار
كرم جبر
لماذا اختاروا يوم عيد الشرطة؟
كله »كوم»‬، ومنظر ضباط الشرطة الملتحين أمام وزارتهم »‬كوم»، صورة تجلب الخوف والذعر، وتكشف عن المصير الأسود الذي كانت تمضي إليه مصر، وكانت البلاد علي مقربة من محطة طالبان وداعش، نفس اللحي الكثيفة المخيفة، والوجوه الكئيبة الغاضبة، ينقصهم فقط سيف وكرباج.. رباه.. أيكون مصير هذا الوطن العظيم في أيدي قوي الشر والظلام؟.. مصر بلد عبد الناصر والعقاد وطه حسين وأم كلثوم، وطوابير طويلة من نجوم الثقافة والفنون، يفوق عددهم سكان قطر الشريرة، لا يمكن أبداً أن تستسلم.
وعلي مقربة من ميدان التحرير، بالتحديد فوق كوبري أكتوبر، تأتي مظاهرة همجية من بولاق الدكرور بالشوم والسيوف والآلي والخرطوش.. نفس الوجوه الواقفة أمام وزارة الداخلية.. اغضب، اصرخ، حطم، اقتل، ولا أنسي أبداً ذلك الهمجي صاحب الكرش المدور في ميدان رمسيس، وهو يعبث بسلاح آلي، ويطلق دفعات ودفعات في الهواء وكأنه يلعب في السيرك، ووراءه صبية يهتفون ويحرقون ويسرقون.
هذا ليس وطني، وهؤلاء ليسوا أهل بلدي، واختاروا بدقة يوم 25 يناير عيد الشرطة، ليزيلوا من ذاكرة التاريخ بطولات خالدة، في مثل هذا اليوم 1952، وقف القائد البريطاني الجنرال إكسهام، يؤدي التحية العسكرية إعجاباً بجنود وضباط الشرطة، الذين رفضوا الاستسلام وتسليم أسلحتهم للمحتل الغاصب، ودافعوا عن قسم شرطة الإسماعيلية ببنادقهم الصغيرة، في مواجهة المصفحات والدبابات حتي استشهد منهم 25 بطلاً، وصار اليوم عيداً للشرطة، ورمزاً لالتحام الجيش والشرطة في مقاومة المحتل الغاصب.
اختاروا يوم - 25 يناير - بدقة، وفرشوا إليه الطريق بإفساد العلاقات بين الشرطة والمصريين، بفيديوهات التعذيب المفبركة، وهفوات أمناء الشرطة وعماد الكبير وخالد سعيد، وضخَّموا الأخطاء الصغيرة، لتقديم غطاء شرعي للانتقام والفوضي وتصفية الحسابات وحرق الأقسام.
الشرطة ليست ضابطا يخطئ ولا أمينا يتجاوز، لكنها الحارس الأمين علي أموال وممتلكات الشعب، والهيئة المكلفة بالحفاظ علي الدستور والقانون، والسهر علي أمن الناس وسلامتهم، ومن يخطئ يحمل كفنه بيديه ويواجه أشد العقاب، فلا حماية لمنحرف أياً كان منصبه، ولا حصانة لمسئول ينتهك القانون، ولم يعد في الإمكان إعادة إنتاج عماد الكبير أو خالد سعيد، وذاق الناس بأنفسهم مرارة الحياة بعد انهيار الشرطة، ودخول البلاد دوامة البلطجية والمغتصبين والقتلة والمجرمين وتجار المخدرات.
في أعياد الشرطة نقول لهم: لن ننسي تضحياتكم وشهدائكم، ودوركم الكبير في معركة تطهير الوطن من دنس الإرهاب، وكان طبيعياً أن يختار أهل الشر يوم العيد، لتحويله إلي جنازة وثأر وانتقام، ولكن في ذاكرة المصريين شريط الأيام السوداء، حين تحولت البلاد إلي غابة يحرسها ذئاب الليل، فصلبوا القانون علي أسوار الاتحادية، وانتهكوا حرمة وطن بالسطو علي الشرعية، وأرادوا إذلال شعب يموت جوعاً ولا ينحني.. فلم تكن الشرطة وحدها هي المستهدفة.. بل مصر كلها.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف