الأهرام
لواء أ ح م مسعد الششتاوي
يناير 2011.. القوات المسلحة تقود الوطن إلى بر الأمان
مصر الآمنة هى البلد الذى إذا ضاق الخناق عليها حفظها الله وأوجد لها سبيلاً إلى الفرج. مَنْ دخلها كان آمناً. هى صاحبة فكرة نظام الدولة وفكرة بناء الجيوش وهى أيضاً صاحبة فكرة الحضارة والفن والعلوم والتى نقلت عنها شعوب الدنيا وإمبراطورياتها القديمة, ومصر فى قلب العالم كما هى فى قلب أبنائها, نسيج واحد لخير أجناد الأرض تظلهم تحت رايتها باذلين الغالى والرخيص من أجل حمايتها, لا يشعرون بالانتماء والولاء إلا لها. ويشير التاريخ إلى أن مصر دولة ديناميكية فى حراك دائم من أجل التغيير إلى مستقبل أفضل وكثيراً ما يترجم هذا الحراك إلى ثورات أو انتفاضات، ولولا هذا الحراك ما استمر حفاظها على أرضها وحدودها عبر تاريخها الطويل. كانت مصر دائماً طاقة متفجرة تختزن ثورتها فى حرص لا تفصح عن نياتها فتبدو حتى اللحظات الأخيرة وكأن الخمول مخيم عليها ثم فجأة ينفجر الإعصار الثورى بصورة لم يتوقعها أحد من أجل إحداث تغيير يواكب مطالب الشعب فى التقدم. وجاءت ثورة 25 يناير 2011 سلمية فى بادئ الأمر بعد 59عاماً على ثورة يوليو 1952 إلى أن سرقتها جماعة الإخوان الإرهابية. وعندما تشارك القوات المسلحة فى تأمين الثورة فذلك يأتى فى نطاق مهامها التى حددها الدستور حفاظاً على الأمن الوطنى الداخلى وحماية البلاد وضمان أمنها وسلامة أراضيها ومياهها الإقليمية وفضائها الخارجى, بالإضافة إلى التصدى للأزمات والكوارث والمساهمة فى مشروعات البنية الأساسية والتنمية الوطنية. والقوات المسلحة عندما تنفذ مهامها فهى تحظى بتأييد وثقة شعبية جارفة فهى جزء من الشعب.

وحينما نشبت هذه الثورة يوم 25يناير 2011 قامت القوات المسلحة(طبقاً لمهامها الشرعية الدستورية) بإجراء تقييم كامل لها بدءاً بتكثيف جهود مراكز العمليات لمتابعة تطور الأحداث والاستعداد لتقديم الدعم اللازم لمواجهة أى كوارث قد تحدث من تصاعد التظاهرات, وقدرت القيادة العامة احتمال استدعائها للتدخل فى أى لحظة وقد اتخذت قرارها المسبق بعدم استخدام العنف تجاه المتظاهرين فيما لو كُلفت بالسيطرة على الموقف، حيث قامت على الفور بوضع سيناريوهات التدخل المحتمل. ونتيجة لتطور الأحداث مع تصاعد العنف الذى ساد معظم محافظات الجمهورية تقرر قيام القوات المسلحة بتنفيذ مهامها فى حماية الشرعية الدستورية وقد صدرت إليها الأوامر بذلك اعتبارا من 28يناير 2011 لكى تبدأ مباشرة مهامها فى ظروف غاية فى الصعوبة إلى أن تمكنت من السيطرة على الشارع المصرى بالتعاون مع اللجان الشعبية والشرطة المدنية. كان أمام القوات المسلحة العديد من العقبات التى يلزم تغطيتها وأهمها: (الفراغ الأمنى ـ انتشار حالات الفوضى ـ التصدى لأعمال البلطجة) مع تعدد الأهداف الإستراتيجية والحيوية المطلوب تأمينها, فأصدرت القيادة العامة بيانها الأول تناشد فيه المواطنين بالتزام الهدوء وحماية أمن مصر وسلامة أبنائها ومطاردة الخارجين على القانون خاصة بعد اقتحام السجون فى 30يناير وهروب آلاف المسجونين منها والذين كان معظمهم من جماعة الإخوان الإرهابية, كما أقامت القوات المسلحة سياجاً أمنياً بالمطارات ولمبنى الإذاعة والتليفزيون وغيرها من الأهداف الإستراتيجية فى الدولة.

ومع تطور الأحداث أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة العديد من البيانات أكد فيها ضرورة قيام المواطنين بالحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وعلى الأرواح... ومع استمرار التظاهرات وتصاعد وتيرتها ومع تسلل الجماعات المخربة والإرهابية خلالها ثم تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك يوم 11فبراير وتفويض المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد, وبالتالى أصبحت هى السّند الرئيسى للشعب حيث عبّر الجميع عن ثقتهم فيها, وعلى الفور عقد المجلس العديد من الاجتماعات لبحث وإقرار ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على أمن الوطن, كما أصدر بياناً مهما أكد فيه أنه ليس بديلاً عن الشرعية... وهكذا تسلم المجلس الأعلى أصعب المهام التى كلفت بها القوات المسلحة منذ نصر أكتوبر 1973 ولتصبح مسئولة عن إدارة شئون البلاد والحفاظ على أمنها القومى وسلامتها وإخراجها من الموقف الصعب نحو انطلاقة كاملة لعهد جديد.

ونظراً لأن ثقافة الانتصار تمثل دستور العمل فى القوات المسلحة, فإن الإصرار على تخطى الصعاب وعودة الحياة فى مصر إلى طبيعتها وتحقيق أهداف الثورة رغم تدخل العناصر المخربة لجماعات الإخوان وغيرهم من الكارهين لمصر فيها,فقد كان القرار الأول الذى اتخذه المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتحقيق هذا الهدف ولقيادة الوطن إلى بر الأمان يتضمن الآتى: السيطرة على الموقف الداخلى, ملء الفراغ الأمنى, تأكيد وضع مصر عالمياً... مع تأكيد أيضاً التزاماتها الدولية. تأكيد قدرة مصر على الدفاع عن نفسها وتحقيق أمن شعبها فى نطاق الأمن القومى العربى. التأكيد المستمر أن العقيدة العسكرية التى تتبناها القوات المسلحة تنبع من أن هذه القوات هى ملك الشعب ولا يمكن أن تستخدم العنف ضده مهما تكن الظروف والمواقف, أن مصر دولة عربية /افريقية كبيرة... ولن تتخلى عن عروبتها مؤكدة فى نفس الوقت انتماءاتها الإفريقية. أن مصر تحترم اتفاقية السلام مع إسرائيل وأنها لم تخل باتفاقياتها الدولية فى يوم من الأيام.

وبالفعل حافظت القوات المسلحة على العهدوعادت قواتها إلى ثكناتها بعد الانتقال السّلمى بتسليم السلطة إلى أن استنجد بها عشرات الملايين من شعب مصر العظيم فى 3يوليو 2013فاستشعرت القوات المسلحة بأن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم, وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية. تلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها من أجل إنقاذ مصر من حكم الإخوان الذين أرادوا بيع أرضها والتفريط فى حدودها وممتلكاتها وسرعة وأد نيران الفتنة الطائفية التى أشعلتها الرئاسة الإخوانية. حفظ الله مصر... وقصم أعداءها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف