الجمهورية
جلاء جاب اللة
ماذا حدث للمصريين في 7 سنوات؟
"اليوم 25 يناير".. كل سنة ومصر بخير وشعبها أفضل وجيشها أقوي وشرطتها بكل خير.
اليوم 25 يناير.. موعدنا مع ذكري ثورة يناير.. فماذا حدث لمصر وللمصريين في 7 سنوات؟
هل تغيرنا للأفضل أم للأسوأ؟ هل ندم المصريون علي ثورة يناير أم أنهم يعيشون حالة الثورة حتي الآن؟ وهل تغيرت أخلاق الشعب أم أن الأخلاق لم تتغير لكن الأضواء تسلطت عليها بشكل أكبر..؟
تساؤلات عديدة فرضت نفسها ومازالت تفرض نفسها.. فهناك من يرفض أن يسمي ما حدث في 25 يناير 2011 ثورة برغم أن الدستور أقر أنها ثورة والشعب في الاستفتاء أقر بذلك.. وهناك من يطالبون بعودة الاحتفال بعيد الشرطة في هذا اليوم بدلاً من الثورة.. وهناك من يؤكدون أن الثورة مستمرة وأن ما حدث في 25 يناير 2011 هو ثورة شعبية حتي لو شابها كثير من السلبيات.
المؤكد أن ما حدث في 25 يناير 2011 هو ثورة غيرت الكثير.. حتي وإن كانت هناك سلبيات فإنها ثورة بكل تأكيد.. و25 يناير هو أيضاً عيد الشرطة فأين التناقض في ذلك؟
ثار الشعب في يناير علي كثير من الأوضاع الخاطئة ومنها تصرفات لبعض رجال الشرطة ولكن إذا أخطأ مصريون فإن الشعب ومصر نفسها لم تخطئ وإذا كانت هناك سلبيات في بعض رجال الشرطة فتاريخ الشرطة المصرية مشرف منذ يناير 1951 وما قبله وما بعده برغم كل السلبيات.. وهو نفس ما ينطبق علي ثورة يناير فرغم كل السلبيات فهي ثورة حقيقية غيرت الكثير ومهدت لثورة يونيو.. وإذا كانت يناير ثورة شعب قادها الشباب وحماها الجيش فإن ثورة يونيه ثورة شعب قادها الجيش وحماها الشعب وشبابه لذلك فإن الاحتفال اليوم بعيدي الثورة والشرطة ليس عيباً ولكن السؤال الأهم: ماذا جري للمصريين؟
الإجابة تحتاج إلي مجلد كامل لأن الأخلاق والسلوكيات والتصرفات ورد الفعل تغير كثيراً بعد يناير.. وهناك من يقول إن الثورة أخرجت أسوأ ما فينا وعرته وكشفته لكن أعتقد أن الثورة كشفت حقيقة الناس فهناك شرفاء كشفتهم الثورة وهناك فاسدون كشفتهم الثورة حتي لو هربوا من أحكام القضاء.
الثورة كشفت عن عشوائية الفكر المصري وعدم انضباطه وكشفت عن تأثير أكثر من ثلاثين عاماً من العشوائية والفوضي والازدواجية التي وصلت إلي حد الانفصام.
"التوك توك" الذي انتشر بعد يناير بشكل مخيف في شوارع وحواري وعشوائيات الشارع المصري سلوك ونتاج لما قبل يناير لكنه كشف عن نفسه بعد 2011.
البلطجة والفوضي شبه المقننة كما يحدث في امتلاك الأرصفة وجوانب الشوارع والميادين في القاهرة والمحافظات الكبري شكل من أشكال عشوائية الفكر والسلوك.
فوضي البناء دون ترخيص أو التلاعب بالتراخيص في البناء وغيره شكل من أشكال العشوائية التي يؤمن بها المقاول ورجل الأعمال ومبدأ "شيلني واشيلك" والذي أصبح ظاهرة فاجرة معلنة بلا استحياء في السلوك المصري.
عشوائيات سلبية عديدة حتي في الغناء والتمثيل وفجاجة الكلمات الخارجة والأسلوب السوقي المبتذل في كلمات الأغاني وحوار المسلسلات والأفلام أحد نتائج الثورة السلبية.
البطالة الزائدة عن المعقول والعطالة الواضحة في سلوك كثير من العاملين والبحث عن عمل ثاني وثالث حتي لو كان علي حساب العمل الأصلي مادام حكومياً أو تابعاً للقطاع العام مظهر آخر زاد في فجاجته بعد يناير 2011.
التغير في أنماط السلوك وأنماط العلاقات الاجتماعية والتغير في شكل الطبقات الاجتماعية بحيث ذابت الطبقة المتوسطة ولم يعد باق منها إلا القليل وانخرط أكثرها في الطبقات الدنيا وقلة ارتفعت للطبقة العليا بينما انفردت طبقة المليارديرات بسلوكيات مختلفة فلم يعد "الكومباوند" السكني دليلاً علي الثراء بقدر ما هو دليل علي طبقية جديدة مثلاً.
سلبيات عديدة كشفت عنها مرحلة ما بعد يناير 2011 سواء أنها ركزت الأضواء عليها أو كشفت الغطاء عنها أو أكدت وجودها أو أبرزت وجودها فالكل سيان.
التأثير لم يكن سلبياً فقط.. بل هناك ايجابيات عديدة لعل أهمها وأبرزها وجود الرأي الآخر سواء كان هذا الرأي صواباً أو خطأ.
أذكر أن الرئيس السادات رحمه الله عندما أنشأ المنابر "اليمين والوسط واليسار" من رحم الاتحاد الاشتراكي ثم تحولت إلي أحزاب وخرجت أحزاب أخري كالوفد الجديد مثلاً أصيبت الحركة السياسية بحالة من الفوضي والتشنج بعد غياب طويل للحزبية حوالي ثلاثين عاماً.. وهو نفس ما حدث بعد يناير فقد اتسمت الرؤية وحرية الرأي والنقد بكثير من الفوضي والتشنج السياسي والتطرف الفكري وهو أمر عادي عقب الخروج إلي النور بعد ظلام طويل.. وهو ما يؤكد أنه بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتبلور رؤي سياسية وفكرية لإنشاء أربعة أو خمسة تحالفات سياسية تعبر عن أفكار ورؤي مختلفة لتكون أساساً لحياة ديمقراطية حزبية سياسية جادة في مصر.
كشفت الثورة أيضاً عن خفايا لم نكن نعلمها وكشفت بل فضحت بعض القوي السياسية وبعض من أطلقنا عليهم لقب نشطاء بخلاف سلبيات عديدة اضطرت للهروب من الساحة.
وإذا كان شعار العدالة الاجتماعية لم يتحقق بالكامل حتي الآن لكنه في الطريق إلي ذلك من خلال مشروعات عملاقة كادت تنتهي ويبدأ حصادها.. ولكن في المقابل هناك انجازات عديدة تحققت أهمها استقلالية القرار المصري ونجاح مصر في الخروج من عنق الزجاجة والمؤامرات التي حيكت ضدها داخلياً وخارجياً وتغير الرؤية تجاه بعض الجماعات خاصة التي تدعي التدين والإسلام السياسي وتغير كثير من الأفكار التي كانت تحاول أن تجرنا للخلف.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن هذا اليوم سيظل يوماً مجيداً في تاريخ مصر وستكشف الأيام والسنوات المقبلة عن حقائق لم يتم الكشف عنها بعد تؤكد أن الله غالب علي أمره وأن الله سبحانه وتعالي حمي هذا الوطن من كيد ومكر وعبث ومخططات عديدة داخلية وخارجية وأن الله اختص جيش مصر لحماية شعبه لأنه من أبناء هذا الشعب وستكشف الأيام المقبلة أن التغير في مصر والمصريين عاجلاً أو آجلاً سيكون إلي الأفضل إن شاء الله لأنه سبحانه وتعالي يحمي هذا الوطن وهذا الشعب.
أيمن عاشور.. لن ننساك
زميلي وصديقي أيمن عاشور.. أخيراً انتصرت علي المرض الذي أتعبك وأرهقك طوال سنوات مضت لترحل إلي جنة الله إن شاء الله.
رحلت- وكما يقول الحبيب المصطفي- ولم يبق عليك ذنب في الدنيا.. رحلت إلي الدار الباقية وانتصرت علي الفانية التي أتعبتك وأتعبتنا.
أيمن عاشور نموذج لمن يريد أن يعرف قيمة هذه الحياة.. شاب متواضع مرح نظيف صادق مع نفسه مؤدب.. وهو في قمة انطلاقه نحو الحياة بشبابه ابتلاه الله بمرض أرهقه وتجدد أكثر من مرة وهو صابر راض مؤمن بقضاء الله وقدره حتي جاء الأجل المحتوم فهزم المرض والشقاء والدنيا الفانية وغادر إلي رحاب ربه في جنته إن شاء الله.. أما أسرتك الصغيرة فهي في رعاية الله وحده وهل من هو أرحم من ربي عليهم.
رحمك الله وأدخلك فسيح جناته وتجاوز عن سيئاتك وأرضاك بجنته جزاء للصابرين ونلقاك قريباً جداً في جنة الخلد إن شاء الله.. وإذا كنت الآن مع السابقين فإنا إن شاء الله بكم لاحقون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف