المساء
خيرية البشلاوى
رنات .. تليفزيون الدولة يتعافي
الإبحار في محيط القنوات الفضائية للتوقف أمام قنوات بعينها يكشف عن التوجه الفكري. الثقافي. الفني المزاجي التعليمي إلخ إلخ للشخص القابض علي جهاز الريموت كنترول.. فروق واسعة جداً. ومسافات فارقة تفصل بين شخص وآخر. وبين هذا الشخص نفسه وباقي توجه أفراد العائلة.
سيكولوجية القطيع ليست حاكمة في العلاقة مع وسائل التواصل الاجتماعية. تقطعت الروابط الحميمة بسبب العلاقة الخاصة مع هذه الوسائل.. وأصبح التليفزيون لا يحتل مكاناً واحداً ومحدداً في محيط المنزل. وإنما يحتل في معظم الأحيان أكثر من مكان حسب المستوي الاقتصادي للأسرة. وحسب رغبات أفرادها.
هذه العلاقة الكاشفة مع وسائل الاتصال الجماهيرية ليست ثابتة لأنها مشروطة بقدرة القنوات المختارة علي إشباع حاجة الشخص الذي اعتاد الجلوس أمامها.. والاحتياج ليس ثابتاً بطبيعة الحال لأنه مرتبط "بالظروف" العامة وعلي نحو أخص بظروف المتلقي الخاصة.
وفي حالات المد الاجتماعي والثورات المجلجلة المىحركة للظروف. والمتحكمة في البيئة المعنوية لقطاعات كبيرة من أفراد الشعب. تنشط حركة اليد القابضة علي الريموت. وتزداد سرعة الابحار في الفضاء بحثاً عن مرفأ هادئ. أو هادر ربما بأمواج الأخبار المثيرة. والصور المهيجة للمشاعر. بعض القنوات تستمد قوة حضورها من قدرتها علي الإثارة.
وفي خضم العلاقة "المشروطة" دائماً مع قنوات البث الفضائي يقيم "المستقبل" علاقاته الخاصة غير المُعلنة. أو المعلنة في حدود الصُحبة ودائرة المعارف الضيقة. علاقاته مع الشخصيات الإعلامية. مع مقدمي البرامج. الذين يصبحون مع دوام المتابعة كُتباً مفتوحة تفصح عن ميولها وحجم مصداقيتها. وتوجهاتها السياسية. وانتمائها الأصيل أو الزائف للوطن وللشعب ومصالحها..
فكم تحمست شخصياً للإعلاميين كشفت الأيام والتحولات الاجتماعية عن خطيئة "الحماس" في عملية الفرجة. والتعجل في الحكم علي "إعلامي" في ظروف المد والجزر الاجتماعي والسياسي. ومن السخافة اقامة علاقات معنوية قوية أو ثابتة مع الإعلاميين الذين يسكنون الشاشة لأن عوامل التعريض تحت الأضواء. مع تكرار الظهور واختلاف ظروف الواقع وحركته وازماته الطارئة فضلا عن الصدام العنيف في مراحل التقلبات الاجتماعية هذا كله يجعل مقدم البرامج "عارياً" أمام المشاهدين.
بعد ثورة يناير 2011 ساءت العلاقة مع التليفزيون الرسمي للدولة. بسبب تراجع الثقة فيما يقدمه من أخبار. وصور. وتراجعت الثقة أيضاً في كثير من المسئولين والإعلاميين بسبب أداء مرتبك. فلم تكن "الثورة" قد استقرت بعد. ولم تهدأ الأحداث. في حين انتشرت الحكايات والاشاعات.
مواقف الناس وسيطر "مجهولون" حتي سيطرت علي أجزاء المشهد العام.. واستمر الأداء الرسمي لتليفزيون الدولة بعيداً عن طموحات الناس وتوقعاتهم بينما نشطت بقوة ملحوظة القنوات الفضائية الخاصة التي يملكها رجال الأعمال المعرفون والتي أصبحت تضم أعداداً من الإعلاميين الذين كانوا يعملون في التليفزيون "الحكومي.. أعني تليفزيون الدولة.
وفي هذه الأيام تراجعت كما أتصور جماهيرية كثير من القنوات الخاصة. وأختفت من علي شاشاتها بعض الوجوه التي كانت لها جماهيرية ثم توارت وسكنتها وجوه أخري ليست قريبة ولا مهضومة فقد استطاع الناس بحدسهم التلقائي ووعيهم المكتسب وتمرسهم علي الفرجة بسبب الانتقال بين الفضائيات استطاعوا أن يلمسوا عدم مصداقيتهم وتلونهم حسب ما تمليه المصالح.
ومن الأشياء المفرحة والملحوظة مؤخرا استعادة تليفزيون الدولة لحيويته بنسبة جيدة. وتطوير بعض برامجه بما يفي باحتياجات المتفرج فكثير من القنوات المتخصصة تلتزم "التخصص" وتجتهد بموضوعية من أجل أن يكون اسم القناة علي مسمي وأنا أعني قنوات النيل.. وبالضرورة القناة الأولي والثانية وحالياً يوجد برامج جديرة بالمشاهدة سأعود إليها لاحقاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف