الأخبار
الأنبا ارميا
مباديء - معــــاً للســــلام

تحدثنا في المقالة السابقة عن "العمل معًا" بصفته أحد أسرار نجاح أيّ عمل.
أما الشق الثاني فهو"الإرهاب"، الذي انتشرت موجاته في العالم بدرجة تكاد تدفع بالبشرية إلي نفق مظلم، في تحدٍّ صارخ لجميع القيم والأعراف الإنسانية والدينية التي ترتفع بقيمة الإنسان وكرامته، وهوأمر يُوجِب علي الجميع أن يتكاتفوا للتصدي له والقضاء عليه. هٰذا الإرهاب وُضعت جذوره في أفكار سلبية نحومعني الحياة وأحقيتها للآخرين من جانب، ورفض الآخر من جانب آخر، مما أدي ببعضهم إلي استحلال سفك الدماء من دون ذنب أوجرم ارتُكب؛ لتمتلئ أيامنا بنزف دماء لا يتوقف.
والإرهاب خطر لا يحمل في طِياته إلا معالم الدمار: دمار إنسانيّ يسلُب معالم الإنسانية، ودمار للوطن الذي فيه يقول الإمام "مُحمد عبده": "فإذا تنافرت الطوائف، تشاغلت كل منها بما يحُطّ شأن الأخري؛ فكانت كل مساعيهم ضررًا علي أوطانهم."، ودمار للتعاليم الدينية، التي لم تسعَ يومًا إلا لمد يد السلام للبشرية، في رفض لجميع أساليب التعصب والإرهاب؛ فقد حضت علي الأديان إلي فضائل سامية:
ـ فقد دعت إلي "المحبة" و"التسامح" و"الأخوّة" حيث يقول "الكتاب": "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَي مُبْغِضِيكُمْ"، وفي "القرآن": ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَيٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾؛
ـ وحثت علي "السلام" حيث يذكر "الكتاب": "طُوبَي لِصَانِعِي السَّلاَمِ"، ويقدم "القرآن" السلام اسمًا من أسماء الله: ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ﴾؛
ـ وطالبت بـ"الرحمة" و"الإحسان"، فيقول الكتاب: "لاَ تدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ"، وفي "القرآن": ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾؛
ـ أمّا عن "العدل"، فيذكر "الكتاب": "اُقْضُوا قَضَاءَ الْحَقِّ، وَاعْمَلُوا إِحْسَانًا وَرَحْمَةً". وينص "القرآن": ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾. ـ أيضًا "حرية الاعتقاد" التي هي عَلاقة شخصية بين الإنسان والله ـ تبارك اسمه، وهومن يُسأل عنها من الله صاحب حق السؤال وحده، فيقول "الكتاب": "قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ"، وفي "القرآن": ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّيٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾؛
ـ أمّا عن "قتل النفس"، فيقول "الكتاب": "لاَ تَقْتُلْ."، و"في القرآن": ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
إن البناء الذي نبتغيه لَيظل مرهونًا بـ"العمل معًا": علي إقرار السلام الذي بات هدفًا منشودًا في العالم بأسره، وعلي نزع فتيل الإرهاب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف