الجمهورية
لويس جرجس
حتي الثورة الفرنسية تعرضت للنقد
مرت منذ يومين الذكري السابعة لاندلاع الشرارة الأولي لثورة يناير 2011 العظيمة. وهي الثورة التي اختلفنا نحن المصريين في النظر اليها وتقييمها اختلافًا كبيرًا ـ رغم ما تضمنه الدستور الحالي من ثناء عليها ـ بين مؤيد لها. مشجع لشبابها. منتظر أن يحصد الشعب المصري ثمارها المتوقعة. وبين ناقم عليها. شاجب لكل ما صاحبها من أحداث وتطورات حتي 30 يونيو 2013 في رأي البعض. أو حتي الآن لدي آخرين. وهذا الاختلاف في الرأي ليس غريبًا علي كل الأحداث الكبري في تاريخ البشرية. وفي التاريخ المصري بالتالي.
حدث هذا ـ كمثال عالمي ـ إزاء الثورة الفرنسية التي استمرت أحداثها المشتعلة عشر سنوات "1789 ـ 1799" شهدت خلالها حروبًا وصراعات واعدامات وثورات مضادة. ثم هي الآن تعتبر أم الثورات الكبري في العصر الحديث التي أرست مباديء "الحرية والمساواة والإخاء". بعد أن خلصت فرنسا من حكم ملكي استبدادي. واتخذتها شعوب أخري نموذجًا يحتذي به في اقامة العدل بين المواطنين.
وحدث الشيء ذاته في مصر إزاء ثوراتها الكبري في التاريخ المعاصر أيضًا: ثورة عرابي في 1882 التي كادت تنجح في اقامة مجتمع مدني ديمقراطي حديث. ثم انتهت بالاحتلال الانجليزي. وثورة الشعب في 1919 التي أسست لحياة برلمانية حديثة. إلا أنها أخفقت في تخليص البلاد من الاحتلال الاجنبي. ثم مع حركة الضباط في 1952. التي تحولت تدريجيًا إلي ثورة. وحققت حلم التخلص من الاحتلال الاجنبي. واتخذت خطوات جادة في سبيل تحقيق الاستقلال الاقتصادي من خلال تأميم القناة وانشاء السد العالي. واقامة قاعدة صناعية ضخمة. إلا انها لم تتمكن من اقامة ديمقراطية حقيقية تساعد الشعب علي حماية ما حققته له من مكاسب اقتصادية واجتماعية. كل هذه الثورات تعرضت للانتقاد من جانب البعض والاشادة من البعض الآخر. كل حسب منظوره ومصالحه. فمن الطبيعي أن يهاجم الثورة الفرنسية. الرائدة عالميًا. من قضت علي امتيازاتهم من أنصار الملكية والاقطاع. وأن يهاجم ثورات مصر الثلاث "1882 و1919 و1952" من يستفيدون من وجود الاحتلال الانجليزي والرأسمالية التي حاولت الثورة الأخيرة تخليص الشعب من استغلالها له.
وهذا هو ذاته ما حدث ومازال يحدث مع ثورة 2011. التي اندلعت نتيجة تراكم جرائم الفساد الاقتصادي والديكتاتورية السياسية علي مدي نحو عشرين عامًا. وهو ما ثار عليه الشعب بعد تفاقم معدلات الفقر والبطالة بين الشباب "عرفت مصر هجرة شبابها بطرق غير شرعية لأول مرة قبل 2011". وبعد أن سُدَت الحياة السياسية نتيجة تحكم حزب واحد فيها. وهو ما وقف حائلًا دون مشاركة شعبية حقيقية في حكم الوطن وتقرير مصيره لصالح الغالبية العظمي.
فتحية لشهداء الثورة من الشباب النقي الذي خرج يوم 25 حالمًا بمجتمع أفضل يسوده العدل. واستشهد وهو يهتف بمطالب الثورة "عيش حرية كرامة انسانية". وتحية لروح شهداء الشرطة الذين خلدوا بتضحياتهم المتواصلة من أجل الوطن يوم 25 يناير في ذاكرة الوطن إلي الأبد.
لقطة:
عندما يجري طبيب عملية زائدة دودية فيسرق كلية المريض. فهذه جريمة مؤكدة. وعندما يرسل قاريء إلي صحيفة يسأل عن رأي الدين في هذا العمل. يمكن اعتباره سؤالًا عاديًا. لأن الاجابة الطبيعية أن هذا العمل هو خيانة للأمانة. أما عندما يعود فيسأل: وهل يختلف الأمر إذا كان المريض غير مسلم؟ فيجب أن تسأل نفسك فورًا كيف يخطر هذا السؤال علي بال بشر أصلًا؟. "السؤال بجريدة المساء. 15 يناير. باب اسألوا أهل الذكر".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف