الأخبار
كرم جبر
المنافسون لا يظهرون فجأة!
كان من المستحيل أن يظهر بين يوم وليلة مرشحون منافسون في انتخابات الرئاسة، صحيح أن الاختيار للشعب، ولكن احترام الشعب كان يستوجب العمل مبكراً، وليس الاستيقاظ فجأة قبل الانتخابات بأسابيع قليلة، وطرح أسماء مع كل الاحترام والتقدير، تنقصها أوراق الاعتماد التي تهيئها للتقدم لأعلي مناصب الدولة.
احترام المنصب الرفيع، كان يحتم علي الأحزاب والقوي السياسية، أن تُفعِّل بناء قواعدها من القاعدة إلي القمة، حتي تختار علي أسس سليمة، من تدفع به منافساً في الانتخابات الرئاسية، فالديمقراطية ليست شعاراً ولكن ممارسة، ولا يمكن القفز إلي قمة السلطة، دون التدرج في كواليسها، وصقل كوادرها بالخبرات والتجارب.
ليس من أجل عيون الغرب، يصبح البحث عن مرشح منافس هدفاً في حد ذاته، ففي بلادهم استقرت الأوضاع، ولم يهب عليهم جحيم عربي، وتحددت معالم الممارسة السياسية، وأصبحت الأحزاب المتنافسة، هي صمام الأمان لأنظمة الحكم، فالمؤسسات هي التي تدير وليس أفراداً ليست لهم سابقة إهمال سياسية، ولا يمتلكون الرأي والتأثير والفاعلية، وميزة المعارضة القوية، أنها تلبي رغبات الشعوب، في التغيير الآمن الذي يحافظ علي استقرار الدول، ولا يمضي بها إلي المجهول.
وفي الانتخابات المصرية يتلخص الوضع كما يلي:
أولاً: هناك رئيس قوي يستمد شرعيته، من ثورة عظيمة في 30 يونيو، أنقذت البلاد من الضياع، واستطاع أن يعيد بناء مؤسساتها، ويدخل معركتين في آن واحد: بناء دولة ومحاربة الإرهاب.. وله إنجازات تجعل أوراق اعتماده كاسحة، وإنجازاته غير مسبوقة.
بالتالي: لن يضعف إقبال الناخبين لعدم وجود منافسين، لأن التصويت هذه المرة سيكون من أجل استمرار بناء الدولة الحديثة، والعض عليها بالنواجذ، ضد كل ما يمس أمنها واستقرارها وحياة مواطنيها.
وهذا معناه أن »أهل الصبر»‬ الذين تحملوا فاتورة الإصلاح الاقتصادي، يريدون من الدولة »‬رد الجميل»، وأن يعوض الله صبرهم خيراً، فتتحسن أحوالهم المعيشية، ويقطفون ثمار التنمية في بلادهم، ولن يضعف عزيمتهم عدم وجود مرشحين متنافسين، لأنهم يعلمون جيداً أن المنافسة بينهم وبين الرئيس غير قائمة.
ثانياً: الأسماء التي كانت مطروحة للترشح في الانتخابات الرئاسية - مع كل الاحترام والتقدير - عنوانها »‬القفز إلي المجهول»، فقد كره الناس الشعارات والهتافات وبرامج التظاهرات، بعد أن أدت إلي خراب بلادهم، وتفاقم المشاكل والأزمات، وأن تلك الوسائل لا تشبع البطون، وجربوا بأنفسهم مرارة الفوضي.
ليس من المقبول ولا المعقول، أن يستيقظ شخص ما قبل الانتخابات بأسابيع قليلة، ويملأ الدنيا ضجيجاً بشعارات يصعب تصديقها، وكأنه يوزع منحاً وعطايا في مولد الانتخابات، ومنهم من يحاول أن يجر البلاد من جديد إلي الميادين، في وقت تسود فيه أجواء الهدوء، والعودة إلي مصر التي فقدت قوتها وتجرأ عليها الصغار والكبار.
الانتخابات الرئاسية لم تفسد لعدم وجود مرشح منافس، فأهم من منافسي التوك شو، الحفاظ علي هيبة المنصب العظيم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف