قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل والبدء بإجراءات نقل السفارة الامريكية إلي هناك أدي إلي حسم قضية رئيسية في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.. ذلك انه بهذا الاعتراف تم إخراج القدس من النقاش (!) ولن يتعين علي الطرفين الاسرائيلي أو الفلسطيني التحدث عن هذه المسألة »الأصعب»، وهي القدس، لأنها لن تكون مدرجة في جدول أعمال أية مفاوضات!! هكذا يري ترامب أنه قدم »مساعدة» للجانبين الاسرائيلي والفلسطيني لأنه شطب القدس من مائدة المفاوضات!!
وقد شجع هذا التصريح، الذي أدي به ترامب في داڤوس.. رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو علي أن يعلن أن القدس لن تكون موضوعا للتفاوض في أية محادثات مع الفلسطينيين في المستقبل!
تصريح ترامب يتناقض مع أكذوبة سبق أن أطلقها ـ علي سبيل الخداع ـ ويتناقض مع تصريح آخر مضلل علي لسان نائبه مايكل بنس، وهو أن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لن يؤثر علي الوضع النهائي لحدود المدينة في أية مفاوضات مقبلة! الأكذوبة قصيرة العمر. ومع ذلك، فإن ترامب يطالب الفلسطينيين بالعودة إلي التفاوض.
حقا.. صدق »أوري أڤنيري»، الرئيس السابق لحركة السلام الإسرائيلية والمحلل السياسي، الذي كتب في صحيفة »هآرتس» الإسرائيلية يوم ٢٤ يناير الجاري يقول: »ترامب قادر علي دفع الجميع إلي الجنون».
ومرة أخري يتحدث الرئيس الامريكي عن المال باعتباره وسيلة للتهديد والتجويع والتركيع ولشراء ذمم وضمائر ومصير ومستقبل الشعوب. قال الرجل : »إننا نعطيهم »الفلسطينيين» مبالغ ضخمة.. مئات الملايين من الدولارات سنويا. وهذه الاموال مازالت فوق المائدة.. ولكن لماذا نفعل ذلك.. إذا كانوا لا يفعلون شيئا من أجلنا»!! ويتجاهل ترامب انه عاد من زيارة واحدة لدولة عربية واحدة وفي جيوبه ٥٠٠ مليار دولار، وأن العرب يشترون منتجات أمريكية بالمليارات، ولديهم ودائعهم واستثماراتهم بالمليارات في بلاده.
ويتجاهل ترامب أنه اذا كان المال يستخدم في كسب ولاء رجاله حتي يصبحوا أكبر الدعاة للاحتلال والاستيطان والتهويد والقمع الإسرائيلي في فلسطين فإن ذلك لا يصلح مع الفلسطينيين. ومن الأمثلة الصارخة علي ذلك حصول الشركة العقارية التي تملكها أسرة جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، علي ملايين الدولارات من شركة مينورا ميفتاشيم الإسرائيلية للتأمين ـ كما تفاوضت عائلة كوشنر مع عائلة »شتاينمتز» الاسرائيلية الثرية لشراء مبان سكينة في مانهاتن بحوالي ٢٠٠ مليون دولار، وحصلت شركة كوشنر علي أربعة قروض من بنك هابوكيم الاسرائيلي. وتواصل عائلة كوشنر تقديم منح مالية لمستوطني الضفة الغربية. هذا هو دور المال في حالة رجل عهد إليه ترامب بمهمة تقرير مصير منطقتنا.. ولكن الرجل يتصرف بمنطق وأسلوب صاحب العقارات ولذلك لم يدرك أن فلسطين لن تباع أو تشتري بالمال.