ليعذرني القارئ في اختيار هذا العنوان لانتخابات رئاسية لم يتقدم لها حتي كتابة هذه السطور سوي مرشح واحد هو الرئيس عبد الفتاح السيسي ما يفتح الباب أمام أبواق الغرب للتشدق بالديمقراطية والمنافسة وكلمات وعبارات أخري كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان.
ليس ذنب الرئيس السيسي ولا دخل له في عدم تقدم أحد لمنافسته سواء لعدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون أو الخوف من منافسة رئيس نجح بكل المقاييس خلال فترة رئاسته الأولي في الحفاظ علي أركان الدولة وهذا هدف لا يستهان به وكذلك استعادة دور مصر القيادي إقليميا ودوليا رغم ما نواجهه من تحديات كبيرة في مقدمتها الإرهاب والوضع الاقتصادي.
لست هنا بصدد استعراض إنجازات الرئيس السيسي والمشروعات القومية الكبري التي وعد وأوفي بإنجازها في توقيتات غير مسبوقة عالميا لكنني بصدد تحليل مبسط لما حدث مستغربا هذا السباق المحموم الذي نشهده في الأيام الأخيرة لدفع مرشح آخر للمنافسة حتي ندفع شبهة عدم المنافسة أو وصف انتخاباتنا الرئاسية بما يشبه الاستفتاء علي إعادة انتخاب الرئيس السيسي.
لا أشك في أن الرئيس السيسي سيكتسح الانتخابات وبأغلبية كبيرة ولن أقول مريحة حتي حال ترشح أكثر من منافس أمامه لكني أشفق عليه فيمن أوصلنا لتلك المعضلة وهي حقيقة وجود مرشح أوحد تكفي 5% فقط من أصوات من لهم حق الانتخابات لفوزه بالمنصب وبحسبة بسيطة فإن قاعدة الناخبين عندنا قوامها 60 مليون ناخب ما يعني أن ثلاثة ملايين صوت كافية لتصعيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للولاية الثانية.
وقد استجاب الله تعالي لدعائي أن يوفق أحد مرشحي آخر لحظة في استكمال إجراءات الترشح وهو ما تحقق عن طريق موسي مصطفي موسي رئيس حزب الغد خاصة بعد رفض الهيئة العليا لحزب الوفد ترشح رئيس الحزب الدكتور سيد البدوي في اللحظات الأخيرة وهذا حقها ولا أحد يستطيع لومها في ذلك.
رغم عدم استساغتي لافتكاسة مرشحي آخر لحظة من الأساس لكنها خطوة محمودة وبدافع وطني بحت لعل وعسي تقينا من شرور الغرب وأعداء الداخل من أهل الشر الذين يتربصون بنا ويريدون بكل الطرق مشروعة أو غير مشروعة أن يجعلوا من الثلج نارا.
أرجو أن تكون هذه التجربة درسا لمؤسساتنا السياسية وفي مقدمتها الأحزاب الكثيرة العدد القليلة التأثير في الشارع أي القاعدة الجماهيرية وعليها العمل اليوم قبل الغد في دراسة وسائل فاعلة تربطها بالشارع وتجعلها منافسا قويا في الاستحقاقات الدستورية مثل الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية وغيرها من الاستحقاقات علي كافة المستويات وألا تترك نفسها هكذا دون كوادر سياسية تدفعها للمنافسة في الانتخابات فالأحزاب عنصر أساسي في الحياة السياسية وإذا لم تمارس دورها بفاعلية إذن فما جدوي وجودها.
كان أيضا علي مجلس النواب الموقر أن يلعب سياسة وهي لب عمله وأساس وجوده بجانب دوري الرقابة والتشريع بالقطع.. ما كان يجب أن يتدافع غالبية أعضاء المجلس لتوقيع استمارات تأييد للرئيس السيسي الذي كان يكفيه فقط تأييد نواب ائتلاف دعم مصر وكان من الممكن أن يمثل باقي النواب أملا لدي راغبي الترشح في إمكانية حصولهم علي تأييد 20 نائبا وهذا أهون بكثير من الحصول علي 25 ألف توكيل لمواطنين من 15 محافظة.
هذه التجربة تدعونا لأن نفكر ونفكر في وسائل أكثر مرونة وسهولة لتيسير شروط الترشح للانتخابات حتي نوفر السبل الناجعة للحصول علي مناخ منافسة أكثر اتساعا لاشك أنه سيفرز في النهاية أفضل العناصر بدلا من مخاطر محدودية قاعدة المنافسين أو نفاجأ بأن لدينا مرشحا وحيدا ولم يتقدم أحد سواه.
علي مؤسساتنا البحثية أن تقوم بدورها بعقد جلسات نقاش وجلسات استماع حول أسباب غياب أحزابنا عن الشارع ووضع توصيات تضمن تفعيل دور الأحزاب وأن تفصح عن الأسباب الحقيقية لغيابها لدرجة وجود أحزاب لا يعلم أحد عنها شيئا حتي اسمها إلا إذا جاء الأمر هكذا صدفة.
الرئيس السيسي سيفوز باكتساح سواء تقدم بمفرده أو كان هناك منافسون فإنجازاته تتحدث عن نفسها وأنا معه قلبا وقالبا وسأعطيه صوتي مع سبق الإصرار والترصد، لكن علينا العمل ثم العمل علي استكمال أسس الحياة الديمقراطية السليمة التي تقوم علي المنافسة.
من وحي الأغاني:
مصر عادت شمسك الذهب.. مع اختيارها بالإجماع رئيسا للاتحاد الأفريقي في دورته المقبلة لعام 2019.