أستبشر خيراً من تلك الروح المتفائلة التي ظهرت علي وجه الرئيس «السيسي» وعلي كلامه، عقب الاجتماع الثلاثي الذي تم في أديس أبابا خلال اجتماعات القمة الإفريقية.. فالرئيس «السيسي» لم يعودنا إلا علي كل خير.. وإذا كان هو القائل انه لن يضيعنا- فيما يتعلق بقضية المياه- وهو أيضاً القائل إن أحداً لن يمس حقوقنا في مياه النيل، لأنها هي الحياة نفسها لكل المصريين.. فإن علينا أن نثق فيما قاله الرئيس «السيسي»- بروح كلها أمل- من أن الدول الثلاث تتعامل كأنها دولة واحدة.. وقال الرئيس «السيسي» ذلك، بعد فترات من التشاؤم وخيبة الأمل في طريقة التعامل مع قضية «سد النهضة».
ورغم عدم إذاعة أي معلومات عما دار في هذا الاجتماع الثلاثي الذي ضم مع الرئيس «السيسي»، المشير عمر البشير، رئيس السودان، و«ديسالين»، رئيس وزراء إثيوبيا، إلا أن الروح التي تحدث بها الرئيس «السيسي» تنبئ عن التفاؤل وليس فيها أي تشاؤم.. ويكفي هنا ما قاله الرئيس «السيسي» من اننا نتعامل كأننا دولة واحدة.. ولا أحد يريد- أبداً- تصعيد هذا الخلاف.
<< ولقد كان الرئيس «السيسي» شديد الوضوح، وهو يتحدث إلينا منذ أيام- من اننا لن نحارب الأشقاء.. هنا نقول: ومن منا يريد أي حرب فلا أحد الآن يتحمل أوزار هذه الحرب بكل ما تجلبه من دمار وخراب، حتي علي المنتصر نفسه، لأن كل طرف من الأطراف الثلاثة هنا يبذل كل جهده في تنمية بلاده.. وهنا كرر الرئيس «السيسي» مقولة اننا لا نرفض أي تنمية أو تعمير لإثيوبيا.. لأننا أيضاً نريد ذلك لهم ولنا مع الوضع في الاعتبار ألا ينجم عن ذلك أي ضرر بالآخرين.
ونعلم جميعاً أن مخطط ضرب مصر هدفه جرها إلي مشاكل خارجية عويصة لينجحوا- من خلال هذه الصراعات الخارجية- فى تحقيقه من خلال محاولات ضرب الأمة المصرية من الداخل.. بهدف إيقاف أو علي الأقل تعطيل عمليات بناء الوطن المصري.
<< ومن المؤكد أن أعداء مصر يرفضون تماماً إعادة بناء مصر.. لأن هذا البناء يفشل مخططهم، ويكفي انهم يتخبطون في التعامل معنا.. وهم عندما يحاولون إشعال، أو تصعيد الخلاف بيننا وبين إثيوبيا وبيننا وبين السودان إنما يحاولون الصيد في المياه العكرة، مستخدمين- فيما يتعلق بإثيوبيا- خوف المصريين وهلعهم من قضية نقص مياه النيل، وهم- فيما يتعلق بالسودان- يشعلون ما يشتعل بين فترة وأخري بسبب مثلث حلايب وشلاتين.
وكم أتمني أن يكون الرئيس «السيسي» قد اتفق مع إثيوبيا علي عدم تأثير «سد النهضة»- مستقبلاً- علي كمية المياه الواردة لنا من النيل الأزرق، وربما يتم ذلك- حتي بعيداً- عن المفاوضات الجارية أو المتعسرة، وأن يصدر عن إثيوبيا تأكيد يطمئن كل المصريين علي حصة المياه سواء خلال فترة ملء بحيرة السد.. أو في نظام تشغيله.. وألا نفاجأ يوماً بما لم نتوقعه.
<< وفي نفس الوقت، إذا كان الرئيس «السيسي» قد طلب من الاعلام المصري أن يتوقف عما من شأنه- إلقاء البنزين علي النيران، فإننا نتمني أيضاً أن يكف المسئولون السودانيون عن التصريحات التي يطلقونها بين فترة وأخري عن مشكلة حلايب وشلاتين.
ومرة أخري لا أحد- عاقلا- يقبل الحرب أو تصعيد المشاكل.. بشرط أن تتوفر عند الكل القاعدة المعروفة.. بأنه لا ضرر ولا ضرار.. وكم نتمني أن نجد ذلك- أيضاً- مع الأشقاء في إثيوبيا وأيضاً الأشقاء الأعزاء في السودان.