الدستور
ماجد حبته
400 مليار ريال!
..وبما أن الريال السعودي يساوي ٠.٢٧ دولار أمريكي. أو بصيغة أخرى، بما أن الدولار يساوي ٣.٧٥ ريال سعودي، تكون حصيلة ما جمعته اللجنة العليا لمكافحة الفساد (في السعودية) تقترب من ١٠٧ مليارات دولار، بزيادة قدرها ٧ مليارات دولار عن الرقم الذي كانت السلطات السعودية تستهدف جمعه من المحتجزين.

أمراء، مسئولون، ورجال أعمال سعوديون تم إلقاء القبض عليهم في ٤ نوفمبر الماضي، بقرار من اللجنة التي تم تشكيلها بأمر ملكي. وطبقًا لما جاء فيما أصدرته النيابة العامة السعودية، الثلاثاء، فقد انتهت مرحلة التفاوض والتسويات، وتم الإفراج عمن لم تثبت إدانتهم بالفساد، بناء على ما توفر من أدلة وبراهين وإفادات الشهود، كما تم الإفراج عمن تمت التسوية معهم بعد إقرارهم بالاتهامات المنسوبة إليهم، ولم يتم التحفظ إلا على ٥٦ شخصًا رفض النائب العام السعودي التسوية معهم، لاتهامهم في قضايا جنائية.

الوليد بن طلال، كان أبرز وأحدث من تم إطلاق سراحهم. ونقلت مجلة «فوربس» الأمريكية عن «مصدر مطلع» أن حرية الأمير «كلفته التخلي عن كل أصوله وأسهمه تقريبًا في شركته المملكة القابضة، مقابل بدل مادي محتمل، كما تم منعه من السفر خارج البلاد إلا برفقة شخص تختاره الحكومة السعودية». وطبقًا لتقديرات المجلة نفسها، مجلة «فوربس»، فإن ثروة الوليد تتجاوز ١٨ مليار دولار، ٩٥٪ منها في شركة المملكة القابضة، التي تمتلك حصصًا في شركات مثل «تويتر»، «ليفت»، «سيتي جروب»، «ديزني» و... و.... وغيرها.

أيضًا، سبق أن نقلت جريدة «وول ستريت جورنال»، في ٢٣ ديسمبر الماضي، عن «مصادر خاصة» أن السلطات السعودية فاوضت الوليد على دفع ٦ مليارات دولار مقابل الإفراج عنه. وأنه رفض دفع المبلغ، لأن ذلك يعني اعترافًا رسميًا منه بالذنب والتورط بفساد. كما نقلت وكالة «بلومبرج»، في ٢٩ ديسمبر الماضي عن مصادر وصفتها بأنها «مطلعة» أن الوليد «رفض وبعناد منقطع النظير، التخلي عن سيطرته المطلقة على شركة المملكة القابضة». وأنه «يقاوم أي اقتراح يمكن أن يؤثر على سمعته، أو صورته، ويدافع بكل قوة عن براءته، ويرفض كل المحاولات للتخلي عن نسبته الأكبر في مجموعته التجارية في المملكة وباقي الشركات العالمية».

ما ذكرته الصحف الأمريكية، «فوربس»، «وول ستريت جورنال»، «بلومبرج»، وغيرها، تناقض مع ما قاله «الوليد» قبيل إطلاق سراحه بساعات، إذ توقع تبرئته من ارتكاب أي مخالفات، وأكد لوكالة «رويترز» أنه لا يزال يصر، خلال محادثاته مع السلطات، على براءته من أي فساد، وأنه يتوقع الإبقاء على سيطرته الكاملة على شركته، المملكة القابضة، دون مطالبته بالتنازل عن أي أصول للحكومة. ووصف احتجازه بأنه ناتج عن «سوء فهم يجري توضيحه». وأن قضيته استغرقت وقتًا طويلًا، لأنه مصمم على تبرئة ساحته تمامًا. وطبقًا لما ذكره اللواء أنور عشقي، عضو اللجنة الاستشارية الخاصة بمجلس الوزراء السعودي، فإن الوليد تمت تبرئته من التهمة الرئيسية، التي تم توجيهه إليه: الاشتباه في غسل أموال. وأنه «كان محقًا عندما أصرّ على براءته».

وبينما ذكرت وسائل إعلام أجنبية (وعربية أيضًا) أن المحتجزين تعرُّضوا للتعذيب، لإجبارهم على التسوية، قال الوليد لـ«رويترز»: إنه تلقى معاملة طيبة أثناء احتجازه، ووصف ما قيل عن إساءة معاملته بأنها محض كذب. وقال إن أحد الأسباب الرئيسية للموافقة على إجراء الحوار هو تفنيد مثل هذه الشائعات، مشيرًا إلى وسائل الراحة، من مكتب خاص وغرفة طعام ومطبخ يتم فيه تخزين وجباته النباتية المفضلة داخل جناحه بالفندق.

لا يعنينا من ذلك كله غير أن النيابة العامة السعودية، أعلنت أن القيمة المقدرة لمبالغ التسويات تجاوزت ٤٠٠ مليار ريال، أي ما يزيد على ١٠٧ مليارات دولار أمريكي، وأن الرقم المستهدف كان ١٠٠ مليار دولار. وما يعنينا في ذلك هو أن الرقم لا يمكن مقارنته بذلك الذي طلبه عبدالفتاح السيسي، في مايو ٢٠١٤، من رجال الأعمال المصريين، في لقاء جمعه بهم حين كان مرشحًا لرئاسة الجمهورية. قال لهم: «أنا عاوز أعمل صندوق بقيمة ١٠٠ مليار جنيه يساعدنا في بناء مصر».. و«لازم تقفوا مع البلد دلوقتي، لأن مصر لو ضاعت مش حانعرف نرجعها تاني». ولا أعتقد أنك في حاجة إلى توضيح أن رجال الأعمال المصريين استقبلوا الطلب بآذان من «طين» وأخرى من «عجين»!.

بالمرة، نشير إلى أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في السعودية (نزاهة) أعلنت، هي الأخرى، تلقيها ما يزيد على ١٠ آلاف بلاغ السنة الماضية، بزيادة ٣٠ في المائة عن سنة ٢٠١٦، التي تلقت فيها الهيئة قرابة ٦٥٠٠ بلاغًا. وأوضحت الهيئة، في بيان صدر الأحد، أن موقع «نزاهة» الإلكتروني، كان الوسيلة الأولى لتلقي تلك البلاغات بنسبة ٣٤ في المائة، ثم تطبيق «نزاهة» على التليفونات المحمولة بنسبة ٢١٪، وهي النسبة نفسها التي حققها الحضور الشخصي. وأشارت الهيئة، في بيانها، إلى أن الإعلان عن تلك الإحصاءات يأتي انطلاقًا من التأكيد على مبدأ الشفافية وعلى أهمية تعاون المواطنين والمقيمين، في الإبلاغ عن أي شبهة فساد.

أسمعك تقول «عايزين من ده». وحتى لا يعتقد سيئو النية أنك تريد «تقليب» رجال الأعمال أو في قولٍ آخر «ابتزازهم»، وكي لا يتم اتهامك بأنك تريد تشويه «شكلنا قدّام العالم»، سأقول بالنيابة عنك إن «ده» الذي تقصده وتريده، هو موقع إلكتروني شبيه بموقع «نزاهة» وتطبيق على تليفونك المحمول يتيح لك الإبلاغ عمّن تشتبه في فساده!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف