الدستور
محمد الباز
لعبة الشيطان خطة لإجراء انتخابات رئاسية موازية عبر تصويت إلكترونى لصالح مرشح من خارج مصر
أعرف أنه من الصعب عليك أن تُصدق أن هذا يحدث على الأرض.. وأعرف أكثر أنه قد يكون عجيبًا أن يفكر أحدهم بهذه الطريقة.. لكن، ولأن المعركة التى تخوضها مصر ضد الإرهاب ومن يمولونه ويدعمونه ويحتضنونه ويوفرون له الرعاية الكاملة معركة مصير وقدَر وكلمة أخيرة، لا يتردد من يناصبون هذا الوطن العداء فى سلوك أى طريق لحصارنا بالخراب.

الفكرة ببساطة أن أقطاب الشر يعملون على تنفيذ خطة محكمة يشرف عليها «مركز العلاقات المصرى الأمريكى»، تتلخص فى تنفيذ انتخابات رئاسية موازية للانتخابات المصرية التى ستُجرى فى مارس المقبل، ليتم تصدير الرئيس الموازى للعالم على أنه رئيس انتخبه المصريون، وقبل أن تقول كيف ستتم عملية الانتخاب؟، سأقول لك ببساطة ستتم بشكل إلكترونى.
القصة لم تبدأ من اليوم، فنقطة الانطلاق كانت فى العام ٢٠١٣، بعد ثورة ٣٠ يونيو مباشرة.
هناك فى واشنطن تم تأسيس «مركز العلاقات المصرى الأمريكى»، وتم افتتاح فرع آخر له فى ولاية «ميريلاند».
الاسم قد يكون عاديًا جدًا، فالمراكز كثيرة والعلاقات أكثر، والمنتفعون من هذه التنظيمات المدنية كثيرون، لكن اللافت للانتباه كان ما هدف إليه هذا المركز، فقد عمل، كما أعلن على موقعه وصفحته على «فيسبوك»- تم حجبها ولو بحثت عنها فلن تجدها الآن- على النهوض بالتعليم والبحث العلمى، وهو مبدأ عام لا يمكن أن تقول عنه شيئًا.
أما ما يمكننا الحديث عنه والتوقف أمامه فهو أهداف أخرى، مثل تعزيز العلاقات المصرية - الأمريكية، وتعزيز المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وممارسة العدالة الاجتماعية فى مصر.
الأهداف نبيلة بالطبع لا يمكن أن تشكك فيها أو تقلل من أهميتها، لكن المشكلة أننا لم نجد أحدًا من مؤسسى المركز له حيثية أو حتى معروفًا، حتى نقول إنه يمكن أن يلعب دورًا فى تحقيق هذه الأهداف من قريب أو بعيد.
الذين يُشكلون فريق العمل فى مركز العلاقات المصرية الأمريكية هم الدكتور صفى الدين حامد رئيسًا له، والدكتور حامد الفقى نائبًا للرئيس، وطارق المصرى سكرتيرًا للمركز، والدكتور أحمد صالح أمينًا للصندوق.
مَنْ هؤلاء على وجه التحديد؟، وما الذى يمثلونه بالنسبة للشعب المصرى؟ وهل هناك أحد يعرفهم من الأساس؟.. لا أحد يعرف عنهم شيئًا، اللهم إلا من تعاملوا معهم عن قرب، أو استفادوا من التعامل معهم بشكل شخصى، وأوجه الاستفادات من هؤلاء كثيرة ومتعددة.
قد لا تتوقف عند أسماء من أسسوا المركز، لكن الذين يترددون عليه هم من يثيرون الريبة، وبشكل كبير، خذ عندك مثلًا سيف الدين عبدالفتاح، وهو أحد أمناء قناة الشرق الإخوانية، ووائل قنديل، أحد الكُتاب الذين وضعوا أنفسهم فى خدمة الإخوان بشكل كامل، وعبدالموجود الدرديرى، أحد قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، والإعلامى حافظ الميرازى، الذى قال فيما يشبه البيان الصحفى إنه زار المركز مرة واحدة، وكان يتحدث فى ندوة عن الإعلام المصرى منذ تأميمه وحتى أوضاعه الراهنة.
إذا أردت أن تعرف ما الذى يخطط له هذا المركز، فعليك أن تبحث عن مصادر تمويله، وطبقًا لمصادر درست المركز وتتبعت أعماله جيدًا، فهناك تأكيدات أن التمويل يأتى من مساهمات الأعضاء المشاركين فيه، كما يحصل على تبرعات من أعضاء الجاليات المصرية والعربية فى الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كانوا ينتمون إلى جماعة الإخوان الإرهابية أو يتعاطفون معها لسبب أو لآخر.
الأمر لا يتوقف عند تمويل الأفراد، ولكن يمتد إلى منظمات وجمعيات وجهات أمريكية وأوروبية، حيث يحظى المركز بدعم كبير وملحوظ.
ما الذى يُنسب إلى هذا المركز ويمكن أن يثير فيه الشك والريبة؟
هذا المركز مسئول بشكل كامل عن تنظيم المظاهرات والاحتجاجات والوقفات المعارضة للرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، سواء فى نيويورك عندما زار الأمم المتحدة، أو فى واشنطن عندما كان فى زيارته الرسمية إلى البيت الأبيض، حيث أشرف هذا المركز وحشد عددًا من الإخوان ليتظاهروا أمام مقرات إقامة الرئيس وعمله، وهتفوا ضده، للإيحاء بأن المصريين لا يرحبون به، رغم أنهم لم يكونوا أكثر من مأجورين ومدفوعين وممولين من قبل المركز.
النشاط ليس مقصورًا داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد حرص هذا المركز على إصدار عدد من البيانات المناهضة للنظام المصرى، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، أصدر فيما بين شهرى نوفمبر وديسمبر ٢٠١٧ عددًا من البيانات التى طالبت أنظمة عالمية وجمعيات ووسائل إعلام بالتدخل لإزاحة الرئيس عبدالفتاح السيسى من منصبه وإسقاط نظامه.
يمكن أن تفهم بيانات هذا المركز الإخوانية ضد نظام عبدالفتاح السيسى، فهم يتعاملون معه على أنه خصم واضح وهدف لا يترددون فى الإطاحة به، لكن كيف تفسر إصدار هذا المركز بيانات تحرض وبشكل واضح على مصر الدولة؟، ففى نفس الفترة صدرت عنه بيانات من شأنها النفخ فى الخلاف المصرى - الإثيوبى حول سد النهضة.
وقبل أن تقول إن الهدف فى النهاية هو الإساءة إلى النظام، حيث اتهامه بأنه قصّر وبدّد حق مصر فى المياه، أقول لك إنه ليس معقولًا ولا منطقيًا ولا وطنيًا من أى باب من الأبواب أن أحرق البيت كله لأنى مختلف مع من يسكنه، لكن هذا هو مبدأ الإخوان ومنطقهم، ولن يتغير أبدًا.
خلال السنوات الماضية كان ما هو أكثر، فبعد ٣٠ يونيو ولأكثر من عامين، كانت مظاهرات الإخوان تتواصل دون انقطاع، وكان غريبًا استمرارها وتنظيمها، لكن عندما نعرف أن هذا المركز كان ضالعًا وبشكل كبير فى تنظيم هذه المظاهرات، وكان يرسم لبعضها خطوط سير ويوفر لها دعمًا إعلاميًا، وكان ينسق مع قنوات «الجزيرة» وقنوات الإخوان التى تبث من قطر، لتغطية هذه المظاهرات والنفخ فيها بكل الطرق، وهو ما أوقع هذه القنوات فى خطايا إعلامية كثيرة- لا يصبح الأمر غريبًا.
أطلتُ عليكم بعض الشىء فيما يفعله المركز وما يسعى إليه، لكن كان ضروريًا أن نعرف عنهم حتى نستوعب ما يخططون له.
فى ١٤ يناير ٢٠١٨، أى منذ ما يقرب من أسبوعين، عقد المركز، وعلى مدار ثلاثة أيام، ورشة عمل، كان عنوانها «اختيار قيادة بديلة لمصر من خارج مصر».
فى هذه الورشة طُرحت الفكرة الشيطانية التى لا تهدف إلى هزّ الاستقرار وتفتيت المجتمع المصرى وزرع الفتنة بين صفوفه فقط، ولكنها يمكن أن تضع مصر فى وضع حرج دوليًا.
الفكرة تقوم، كما أراد لها المركز، على إجراء انتخابات رئاسية موازية، تسفر عن اختيار رئيس لمصر من الخارج، وتكوين مجلس رئاسى مكون من خمسة أفراد، بحيث يتم التركيز على التواصل مع من يتعاملون معهم على أنهم أقليات، وحددوا الأقباط وأبناء النوبة والبهائيين، هذا بالطبع غير الإخوان الكامنين فى المجتمع، والذين لا يعرف أحد عنهم شيئًا.
وقد تسأل: كيف يمكن لهذا المركز ومن يقفون معه وخلفه بالطبع أن يحققوا هدفهم؟، سأقول لك إنهم يخططون للتعاقد مع إحدى الشركات الكبرى المتخصصة فى التطبيقات الإلكترونية لإجراء عملية التصويت عبر الإنترنت فى الانتخابات المزعومة، ولا ينقصهم بالطبع التمويل، فهو جاهز طالما أن الهدف هو الإضرار بمصر وصورتها ومستقبلها.
حتى الآن لم تدخل هذه الفكرة حيز التنفيذ، لكنها تروق لدوائر كثيرة داخل الجماعة الإرهابية وخارجها، كما أنها تلقى دعمًا هائلًا من الدوائر القطرية والتركية المعادية لمصر، وهناك تجهيز للإعلام الإخوانى المعادى للترويج لهذه الفكرة خلال الفترة المقبلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف