د. حماد عبد الله حماد
البيروقراطية القاتلة فى مصر!
ونحن نتحدث عن قانون جديد «للإدارة المحلية»، وتوقف شرايين المحليات حيث ينتظر الجميع صدور مثل هذا القانون الحيوى، وهو كما قال عنه الرئيس السيسى فى إحدى كلماته وخطاباته عن المستقبل القريب، إن هناك إصرارًا من الدولة على تطبيق اللامركزية والاهتمام بالتعليم، والصحة، كأسس لتقدم مصر، بعد أن استطعنا خلال أربع سنوات، أن نقيم بنية أساسية لم تشهدها مصر خلال قرنين من الزمان، فى الدعوة إلى الأخذ باللامركزية فى محافظات المحروسة، أمر حيوى ومهم، وأصبح اليوم وغد حتميًا
حيث لا أمل فى تقدم الحياة اقتصاديًا واجتماعيًا وخدميًا، إلا بانتهاء مركزية القرار فى القاهرة، ولعل من أهم ما يعطل القدرات الإدارية لدى مديرى ومحافظى الأقاليم، هو الاعتماد على بيروقراطية الإدارة المركزية، وقد كانت التوجهات السياسية هى العمل على توسيع اللامركزية فى الإدارة، وأن تنشط المحافظات فى الوثوب على كل المعوقات المركزية، ولكن بالخبرة عمليًا، لايمكن الوصول إلى اللامركزية دون قرار، وأعتقد تعديلاً فى قانون الحكم أو الإدارة المحلية، فالمحافظ فى محافظته لا حول له ولا قوة، أمام هيئة التنمية الزراعية وأمام هيئة التنمية الصناعية وأمام هيئة الاستثمار وأمام هيئة البريد، وعشرات الهيئات الاقتصادية، والتى للأسف الشديد، يئن معظمها من خسائر اقتصادية تمثل عبئًا على الموازنة العامة للدولة.
وهنا ينطبق المثل الشعبى «جيبتك يا عبد المعين تعينى، لقيتك محتاج تتعان»!!
فليس من المعقول أن يقف المحافظ أمام مستثمر، لا يستطيع إنهاء إجراءاته فى محافظته حيث يجب أن يعود لهيئة من الهيئات القاهرية المركزية.
والمشكلة ليست فى نظام المركزية، ولكن المشكلة هى أن المركزية يستتبعها نظامًا بيروقراطيًا متوارثًا، تقوم عشرات الأيدى بتناول ورقة واحدة لكى «تمهرها»، ببصمتها العظيمة حتى تنتقل من مكتب إلى مكتب، فى نفس الدور بنفس الإدارة، بنفس المبنى على «سركى» البوسطة التى تحتاج على الأقل يومًا للانتقال ويومًا «لمهرها» ببصمة الموظف المسئول «وموت يا حمار»!
شىء غير مصدق، حينما نسمع هذا الكلام من أول مسئول فى المحافظة، وهو المحافظ ولا حول له ولا قوة، إلا بالاتصال بالوزير المسئول، الذى بدوره يسعى لجلب الورق لمكتبه لكى ينهيه فى إدارته، ثم وهكذا ودواليك، نظام إدارى عف عليه الزمن، فى حين أن اللامركزية تسمح باتخاذ القرار، على أسس علمية وتبادل معرفة ونقل معلومات بسرعة فائقة بتقدم الوسائل التكنولوجية من «نت وفاكس وخلافه!» وهذا ما لايمكن أن نحققه إلا إذا كان هناك إحساس عام بالمسئولية التضامنية بين مسئولى الإدارة فى المحافظات ونظائرهم فى القاهرة مثلاً!
ولعل الخطوة القادمة بعد أن تستقر الأمة على ولاية جديدة للرئيس.
«السيسى» أن يستكمل المشوار، بالبدء بالاهتمام بالبنية الأساسية (تشريعياً) وتفعيل دستور 2014، بإصدار القوانين المكملة له، وكذا وجود قانون محليات يسمح للشباب بقيادة الوطن، للتقدم فى كل أرجاء المحروسة.