الجمهورية
فهمى عنبة
عام أفريقيا
** بعد 30 يونيو 2013 علق الاتحاد الأفريقي عضوية مصر بموافقة أغلبية الأعضاء.. وفي 28 يناير 2018 اختارت الدول الأفريقية بالإجماع مصر لتكون رئيساً للاتحاد الأفريقي عام 2019 فما سبب هذا التحول؟!
باختصار عادت مصر إلي قارتها.. وشعرت الدول أن القاهرة التي كانت تحتضن حركات تحررها قد استعادت مكانتها الدولية والإقليمية واتجهت بوصلتها إلي الجنوب.. وأن أفريقيا بدون القاهرة كالجسد بلا قلب.. تماماً كما أن مصر بدون السند الأفريقي تفتقد إلي الكثير من قوة تأثيرها!!
مطلوب أن نجعل عام 2019 هو عام أفريقيا بحق علي مختلف الأصعدة وفي كل المجالات وأن تتوطد علاقتنا بالأشقاء ليس في دول حوض النيل فقط ولكن في مختلف مناطق القارة من شمالها إلي جنوبها ومن شرقها إلي غربها.
علينا أن نتعرف أكثر علي أفريقيا وأن نجهز حملات إعلامية وثقافية واقتصادية وفنية ورياضية لزيارتها وتوطيد أواصر الصداقة مع الشعوب التي أغلبها يعرفنا جيداً بينما نحن نجهلهم وتلك من أكبر عيوبنا.. فقد تطورت الدول الأفريقية ولم تعد هي الغابات ومزارع السافانا والأحراش والتماسيح.. ولكن هناك دولاً متقدمة لديها صناعات عصرية وأخري في قمة الجمال والنظافة ويكفي أن دولة رواندا اعتبرتها الأمم المتحدة منذ سنوات من أنظف دول العالم حيث تغلبت علي أكوام القمامة وشوارعها وحواريها أكثر نظافة من نيويورك وباريس.. بينما مازلنا لم نستطع إزالة القمامة من أمام منازلنا!!
مطلوب الاستعداد من الآن برجال أعمال فمازالت أراضي أفريقيا تنتظر المستثمرين كما أن أسواقها متعطشة للمنتجات والسلع التي من الممكن أن تناسب جودة منتجاتنا فترفع فاتورة التصدير.. كما أن هناك عندهم من يريد الاستثمار في مصر ويحتاج إلي شركاء ولكنهم لا يعرفون كيف يصلون إليهم مع أننا استضفنا عام 2015 في شرم الشيخ قمة التكتلات الاقتصادية الثلاث الكبري "الكوميسا والسادك وشرق أفريقيا". ومع ذلك فحجم التجارة مع القارة مازال لا يرقي إلي الطموح بل إنه هزيل للغاية حيث بلغ عام 2016 حوالي 5.4 مليار دولار منها 2.5 مليار دولار صادرات مصرية.
لابد أن تتحرك الدولة بكل أجهزتها ووزاراتها من الآن وتستعد لقيادة أفريقيا عام 2019 ليس من الجانب السياسي والدبلوماسي فقط ولكن اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.. ولا مانع من إرسال بعثات طبية وفرق فنون شعبية وإقامة مهرجانات رياضية ودية لتخفيف حدة التوتر خاصة وأن أفريقيا هي طريقنا للعبور إلي النهائيات الدولية دائماً.
ليكن 2019 عام أفريقيا بحق بتعريف المصريين بالبلدان والشعوب عن طريق برامج وعرض أفلام عن تاريخ الدول والقارة السمراء التي أصبحت أكثر الأماكن جذباً في العالم للمستثمرين الذين يأتون إليها من كل فج عميق.. فلماذا لا نحجز مكاناً من الآن؟!
طوارئ المستشفيات.. والرعاية المركزة
** تحكي ممرضة بمستشفي استثماري إن صديقتها الممرضة التي تعمل في مستشفي حكومي بمنطقة شعبية جاءت إليها يوماً وطلبت منها "سرنجات" لقسم الطوارئ لأن هناك نقصاً شديداً والمرضي يتزايد توافدهم طوال الليل!!
علينا أن نعترف بأن هذا حال العديد من المستشفيات العامة خاصة الموجودة في الأرياف وفي محافظات بحري والصعيد والمناطق الشعبية بالقاهرة والاسكندرية حيث وصل الأمر إلي نقص الأساسيات من قطن وشاش وبلاستر وحقن فما بالنا بعدم وجود أجهزة أشعة ومعدات أو الأدوية الحيوية.
الأخطر من ذلك هو النقص الحاد في عدد أسرة الرعاية المركزة التي "يدوخ" أهل أي مريض في الدوران علي معظم المستشفيات لإيجاد مكان يقبله دون جدوي بينما المريض الذي تعرض لأزمة قلبية أو أصيب بنزيف في المخ تقلل كل دقيقة تمر عليه دون إسعافه من فرصة إنقاذه وغالباً ما يموت قبل أن يتوفر السرير!!
الأهم من كل ذلك هو عدم وجود حضانات للأطفال مما يؤدي إلي وفاة العديد من المواليد قبل أن يتعرفوا علي الحياة ويتركون الحسرة والحزن لأهلهم.
لا يخفي أمر مستشفياتنا علي أحد سوء الحكومة أو وزارة الصحة أو لجان مجلس النواب أو حتي الجماهير فالجميع يعلمون الحقيقة ويعرفون أن هذا النقص ليس تقصيراً بقدر ما هو عدم وجود الإمكانيات خاصة بالنسبة للأجهزة والمعدات والأدوية. أما ندرة الأطباء والممرضين فيمكن التغلب عليه بالتدريب وتعيين العدد الكافي.
طالما عرفنا السر يصبح العلاج سهلاً والمطلوب زيادة المخصصات المقررة للمستشفيات العامة ومنح الأولوية لإنشاء غرف رعاية وحضانات والاهتمام أكثر بأقسام الطوارئ لأنها الأماكن التي تستقبل الحالات الحرجة والتي يتسبب عدم وجودها في وفاة المرضي سريعاً.. ولابد أن تساهم جمعيات المجتمع المدني في جمع التبرعات من القادرين ورجال الأعمال.. وأن تساعد مؤسسات الدولة ومصانع الأدوية وكبار الأطباء في تجهيز المستشفيات.. ولا يبخل أي مواطن أن يقدم ما يستطيعه حتي لو كان مجرد كيس قطن أو لفة شاش.. ولا ننسي الفنانين والرياضيين وكبار الإعلاميين فعليهم أدوار مهمة سواء بالمساهمة المادية أو قيادة حملات للتبرع فتلك المستشفيات ملك للشعب وكل مريض يعالج فيها من أبناء هذا الوطن.. وهذه مسئوليتنا جميعاً.
ترشيد الإنفاق الحكومي
** لا يمكن لأي دولة أن تستمر في الاعتماد علي القروض والمنح والمساعدات الخارجية لسد العجز في موازنتها.. أولاً: لأنه لا توجد دولة أخري تمنح طول العمر.. وثانياً: لأن من يعطي لابد أن يأخذ المقابل ولو كانت دولة شقيقة أو صديقة.
ليس أمام الدولة سوي العمل والإنتاج وزيادة الموارد في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والخدمية لرفع قيمة الدخل القومي والقضاء علي عجز الموازنة الدائم وبدون ذلك سنستمر في الاعتماد علي السلف والاقتراض وانتظار الهبات والمنح من الآخرين وهو ما يجب ألا يحدث لبلد بحجم مصر!!
الأهم من ذلك أن يشعر الجميع "الحكومة والشعب" بأن الدولة تمر بظروف صعبة واستثنائية ولابد من ضغط النفقات وترشيد الاستهلاك وتقليل استيراد السلع والمنتجات غير الضرورية.
للأسف.. فإن المواطن البسيط هو الوحيد الذي يدفع الثمن ويتحمل كل الصعاب ويقلل الأنفاق ويرشد الاستهلاك راضياً أو غصباً عنه.. بينما نجد أن كبار المسئولين ورجال الأعمال والأثرياء ينفقون ببذخ ويهدرون الأموال علي الرحلات والحفلات وتغيير ديكور أثاث المكاتب وشراء مستلزماتها من الخارج.. وذلك بالطبع إلي جانب مواكب السيارات الفارهة التي تصاحب كل وزير أو مسئول في ذهابه وإيابه!!
مازلنا دولة نامية تسعي لبناء المستقبل وتحاول بشق الأنفس وبصبر شعبها أن تتخطي عنق الزجاجة وأن تحقق نسب نمو اقتصادي يدفعها للأمام وهذا يستدعي من كبار المسئولين تقليل مظاهر التبذير وترشيد الأنفاق الحكومي علي الأقل حتي يشعر "الغلابة" أنهم لا يدفعون ثمن الإصلاح الاقتصادي وحدهم!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف