خالد عبد العزيز
جحا ... والميركاتو الشتوي
طلب أحد الجيران من جحا أن يستعير حلة لطهي الطعام . وبعد أسبوع أعاد الجار إلي جحا حلته وبداخلها حلة صغيرة وأخبره الجار أن الحلة قد أنجبت أثناء وجودها عنده فشكره جحا علي صدقه وأمانته . وعندما استعار الجار مرة أخري الحلة الكبيرة وظلت عنده فترة . ذهب جحا ليسأله عنها فأخبره الجار أن الحلة للأسف قد ماتت . فسأله جحا باستغراب شديد وهل هناك حلة تموت؟! وهنا رد عليه الجار: "لم يكن هذا رأيك عندما علمت أن الحلة قد أنجبت¢!!
رأي بعض الخبراء في مسألة انتقال بعض اللاعبين من نادي مصري إلي ناد آخر يغلب عليه استغراب شديد واستنكار واضح أن لاعبا في الدوري المصري ينتقل إلي نادي آخر بمبلغ عشرة أو عشرين أو حتي ثلاثين مليون جنيه . ولكنه أمر طبيعي بالنسبة لنفس هؤلاء الخبراء عندما يعلمون أن النادي قد باع لاعباً لنادي أجنبي بمبلغ أربعين أو خمسين أو حتي ثمانين مليون جنيه.
أحد الأندية المصرية أعار لاعباً - إعارة وليس بيعاً - لأحد الأندية الإنجليزية لمدة أربعة شهور بمبلغ يقرب من 12 مليون جنيه وكان قد اشتراه بثلاثة ملايين فقط . وناد آخر أعار لاعباً - إعارة وليس بيعاً - لمدة ستة شهور لأحد الأندية الأماراتيه بمبلغ 9 ملايين جنيه ولم نعلم سعره أصلاً قبل هذه الإعارة. وناد ثالث أعار - إعارة وليس بيعاً - ثلاثة لاعبين لا يشاركون بانتظام في مباريات النادي بمبلغ يقرب من 45 مليون جنيه . بل ان هناك أندية مصرية طلبت مبلغ 50 مليون جنيه في حارس مرماها الذي يشارك في الدوري المصري من الأندية الأجنبية ولم نسمع نغمة استغراب واحدة.
هناك مستجدات جديدة طرأت علي الكرة المصرية ستفتح المجال لاحتراف عدد كبير من اللاعبين المصريين في أندية أجنبية وسترتفع معها أسعار لاعبينا بالعملة المحلية ومن أهم مزايا تحرير سعر صرف العملات الأجنبية هو "التصدير". ومن الطبيعي أن تعرض الأندية بيع بعض لاعبيها لشراء لاعبين جدد ولتنمية مواردها المالية والاهتمام بقطاع الناشئين وتطوير بنيتها الأساسية الرياضية وأسباب كثيرة أخري. والأمر في هذا لابد أن يترك لمجلس إدارة النادي واللجنة الفنية الخاصة بكرة القدم ولجنة تنمية الموارد . ومن هذه المستجدات التي سترفع أسعار لاعبينا ما يأتي:
أولاً : ما يقدمه نجم المنتخب المصري ونادي ليفربول الإنجليزي الكابتن محمد صلاح من مستوي متميز وحصوله علي لقب أفضل لاعب في أفريقيا ومنافسته علي أفضل لاعب وهداف بالدوري الإنجليزي وكذلك زملاؤه حجازي وصبحي والنني وتريزيجيه والمحمدي وغيرهم أعطي انطباعاً إيجابياً عن اللاعب المصري بصفة عامة.
ثانياً: ما يقدمه نجوم الكرة المصرية الدوليون في الدوري السعودي مثل عبد الشافي والحضري وكهربا وشيكابالا وغالي وغيرهم وأخيراً متعب ومؤمن والشيخ وغيرهم وما يقدمه حسين الشحات في الإمارات أيضاً سيزيد من أسعار نجوم الكرة المصرية في دول الخليج الشقيقة بصفة عامة.
ثالثاً: تأهل مصر لكأس العالم بعد 28 سنة من الغياب ومشاركتها في النهائيات في ثلاث مباريات علي الأقل بإذن الله وخوضها أربع مباريات دولية قوية خلال فترة الإعداد سيضع نجوم الكرة المصرية تحت أعين سماسرة الكرة العالمية وسنسمع بإذن الله عن أرقام جديدة بالملايين لم نكن نسمع عنها من قبل لأسعار اللاعبين خصوصاً أن اليورو يزيد علي عشرين جنيها مصريا.
علينا أن ننظر جيداً للجوانب الإيجابية وأن نترك منظومة بيع وشراء اللاعبين لآلية العرض والطلب ولا نبخس أشياءنا ونجلد ذاتنا ونصرح دائماً أن الدوري المصري ضعيف وبدون جمهور ولا يوجد لاعبون يستحقون هذه المبالغ . علينا أن نجيد تسويق لاعبينا ونتحدث عنهم بفخر وقوة وأحياناً بمبالغة ونفتح المجال أمامهم وأمام أنديتهم للاحتراف الخارجي ليس في كرة القدم فقط بل أيضاً في كرة اليد والسلة والطائرة وتنس الطاولة وغيرها من الألعاب. فهناك فوائد عظيمة جداً تتمثل في الآتي:
* قوي ناعمة جديدة تستخدمها مصر الآن ويكون لها سفراء جدد في كل دول العالم وستؤتي ثمارها قريباً بإذن الله بعد تراجع طفيف في قوي الفن والأدب والثقافة بشكل عام.
* استفادة الأندية الصغيرة ومراكز الشباب من بيع اللاعبين للأندية الكبيرة كمصدر أساسي لتنمية الموارد . وللعلم مركز شباب أبو تيج بأسيوط استفاد بحوالي 250 ألف جنيه في صفقة "عنتر" الأسيوطي.
* مصدر مهم جداً وواضح للنقد الأجنبي وتحويل أموال المصريين بالخارج وزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي وهو ما كنا ننادي به دائماً.
* خدمات مجتمعية جليلة من الممكن أن يقدمها المحترفون المصريون في الخارج لأنديتهم الصغيرة والقري التي نشأوا فيها من تطوير البنية الأساسية الرياضية والتعليمية والصحية.
أطلقوا العنان للفكر والخيال واكسروا قيود الخوف والشك في الذمم . فانتشار لاعبينا المحترفين في كل بلاد العالم هو السبيل لتحقيق نهضة رياضية كبري حقيقية وتكوين منتخب وطني قوي يشارك دائماً في المونديال ويكون ضمن أفضل عشرة منتخبات علي مستوي العالم ويجعل اسم مصر يتردد دائماً في الأوساط الدولية ويفتح المجال للاستثمارات الخارجية . نحن لدينا طاقة بشرية شبابية متميزة ومواهب كروية في كل نجع وقرية ومركز واحتراف لاعبينا في الخارج هو الكنز الحقيقي لتحسين الاقتصاد المصري وحياة المواطن بصفة عامة في السنوات القادمة.