هل المجتمع المصري في هذه الدرجة من الانحلال والتفسخ كما تصوره الدراما التي نراها علي الشاشة؟.. هل لابد للدراما أن تسير عكس الاتجاه لكي تنجح وتحقق نسبة مشاهدة عالية.. وأين دور المجلس الاعلي لتنظيم الإعلام في هذا الشأن.. وأين دور لجنة الدراما بالمجلس التي يرأسها مخرج كبير بحجم محمد فاضل لكي توقف هذه الدراما المزيفة للواقع وأين دور المجلس القومي لحقوق الإنسان؟..
كمواطن مصري من حقي أن أرفض تزييف الواقع والايحاء بأن هذا هو المجتمع المصري.. وأنا لست مؤيدا لفرض أي نوع من القيود علي صناع الدراما طالما أحسنوا صناعة ما يقدمونه للناس لكن بهذا الشكل الذي نراه فهم يسيئون للمجتمع الذي يقدمونه علي أنه مجتمع متعدد العلاقات بين الرجال والنساء والكل فيه من مدمني المخدرات بأنواعها.. المجتمع المصري يا سادة ليس مجتمعا يمارس فيه الحرام بهذا الشكل والا فليذهب كتاب الدراما إلي الجحيم!
لا أنكر أن هناك واقعا جديدا بات في مصر في عصر الانترنت والسوشيال ميديا لكنه ليس بهذا السوء.. ليس مجتمعنا منحلا بهذا الشكل.. وليست كل علاقاتنا حراما كما تصورها مسلسلات الدراما!
أشير إلي مسلسل » سابع جار» الذي سماه زميلي العزيز الكاتب الصحفي جمال عفيفي مدير تحرير مجلة » أخبار النجوم» بمسمي يليق به وهو »سافل جار» ومسلسل »حكاية بنات» الذي لا يليق بصناعه.. هذه الصناعة الرديئة التي تفسح لها بعض الفضائيات مساحات كبيرة للاحتفاء به وبمخرجاته ونجومه علي طريقة »رجل عض كلب»!
الحرية في أي مجتمع لها حدود.. و»الدنيا مش سايبة» إلي هذا الحد.. وليست علاقات البشر هنا لا يحكمها سوي العلاقات المحرمة حتي لو كان المسلسل يتناول واقعة محددة.. فليس في البيوت المصرية من يسمح بتردد شاب علي فتاة ليقيم في منزلها تحت سمع وبصر السكان.
فلتراعوا حقوق الاغلبية ولست أتصور أن البلد كلها حرامية لمجرد أن هناك من يختلس أو يسرق أو أن الجميع يمارس هذه العلاقات المحرمة لمجرد أن هناك من يقيم مثل هذه العلاقة بعيدا عن عيون المجتمع.
هل نعيش في مجتمع آخر في الشوارع الخلفية.. وهل تسليط الضوء علي هذه النماذج المريضة هو الأصل في الدراما؟.. نحن مجتمع مثل كل المجتمعات نعاني من سوء المعيشة ونعاني من وجود مثل هذه النماذج المسيئة لكنها لا تعبر تماما عنه.. لست مصلحا اجتماعيا ولا ناصحا لكتاب الدراما الذين يرون في هذه النماذج أمثلة حقيقية ويسيرون عكس الاتجاه ومجرد تقييم لهذه المسلسلات ونسب المشاهدة العالية لها يعكس فقط أشياء أخري علي رأسها ملابس نجمات المسلسل التي تستهوي البعض النظر إليها وهذا طبيعي فالسير عكس الاتجاه هو ما يلفت النظر ولا شيء غيره.. وهل كل المصريين يعيشون في كومباند.. وهل يملكون رفاهية العيش مثل أبطال هذه المسلسلات.
هذه الدراما تعكس واقعا مرا فليست هذه هي مصر أبدا التي يحكون عنها.. وهذا المرض اللعين الذي ظهر فجأة في الدراما ينسحب إلي الاعلانات التي تنتشر علي الشاشات!
لا أريد من صناع الدراما أن يظهروا لنا مجتمعا مثاليا.. فليست هذه هي الحقيقة ولكننا ولنا الحق الا يظهروا مجتمعنا بهذا السوء والفحشاء.