ايمن عبد الجواد
من إثيوبيا لبورسعيد.. الرسالة واحدة
وسط الرسائل المتعددة التي وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي لأكثر من طرف خلال تدشين حقل ظهر أمس الأول في محافظة بورسعيد. اختص الرئيس الإعلام برسالة مهمة ـ ومتكررة ـ بأن يعرض المشروعات بطريقة بسيطة وواضحة وإلا فسوف تصل إلي المواطن رسالة مغلوطة ومحبطة.
وقبل ذلك بيومين وجه الرئيس رسالة شبيهة للاعلام في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا عندما خرج هو والرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الاثيوبي هايلي مريام ديسالين بأياد متشابكة دلالة علي التفاهم وتقارب وجهات النظر وطالب الإعلام بأن يتوخي الحذر وهو يتناول العلاقات بين الدول الثلاث وبالطبع غيرها.
الرئيس لا يترك فرصة إلا ويوجه رسائل للاعلام ايمانا منه بدوره المهم خاصة في تلك المرحلة الحساسة والشائكة. فالكلمة أصبحت بديلا للرصاص في حروب الجيلين الرابع والخامس التي تقوم بصورة أساسية علي نشر الشائعات وبث اليأس والاحباط في نفوس المواطنين حتي يكفروا بالمستقبل ويصبح السيطرة عليهم أمراً سهلاً.
قد يقول قائل ان الاعلام مجرد ناقل للاحداث وليس صانعاً لها ومن الظلم أن نحمله مسئولية غيره. وهو قول حق يراد به باطل لأن الاعلام الوطني المحترم في تلك المرحلة من عمر الوطن عليه دور حيوي ومهم لا يقل عن دور الجندي في ميدان المعركة. في مواجهة الاعلام المغرض الذي يعمل طوال الوقت علي تضليل الناس عبر نشر اخبار غير حقيقية أو إعداد تقارير مبنية علي أكاذيب وهذا النوع من الاعلام يفضح نفسه والجهات الداعمة والممولة له ولا يحتاج إلي رد أو توضيح من أحد.
ووسط هذا النوع وذاك "المغرض والوطني" هناك اعلام مغيب فاقد العقل والبوصلة وأتصور أنه المقصود بالرسائل المتواصلة من الرئيس. فالمواطن أصبح فريسة لبعض القنوات الفضائية التي تقدم برامج أقل ما توصف به أنها تافهة تعزف أما علي وتر الغرائز باستضافة راقصات الكليبات الخليعة وغيرهن من نفس الشاكلة أو الدجالين الذين يضيعون الوقت في الحديث عن الأمور الغيبية والسحر والشعوذة.
بينما تتجاهل فضائيات أخري أي انجاز ولا تري إلا نصف الكوب الفارغ وتسعي إلي تسخين الموضوعات طوال الوقت من أجل هدف واحد هو زيادة نسبة المشاهدة ولو علي حساب الوطن والمواطنين. متجاهلة حاجة الناس إلي رسائل أمل تهون عليهم صعوبات الاصلاح التي يتحملها المصريون بجلد وتحدي.
ليس معني ذلك أن يتوقف الاعلام عن أداء دوره ويتحول إلي التهليل للمشروعات الجديدة. فالنقد البناء بمثابة أضواء كاشفة تتيح للحكومة الفرصة لتصحيح أخطائها والرئيس عبدالفتاح السيسي أول من ينتقد أداء الحكومة في العديد من الملفات ويكلفها بتعديل المسار كما حدث في ملف التعديات علي أراضي الدولة وقبل ذلك من مشروع المليون ونصف المليون فدان.
أما الشوشرة ونشر الشائعات فهي تخلق حالة من البلبلة تشتت الانتباه. فالكثيرون يمتطون صهوة جيادهم ويشهرون سيوفهم وهم في حقيقة الامر قاموا ببناء وجهة نظرهم علي شائعة تم ترويجها علي الفيس بوك أو موقع إلكتروني. وهذا أمر يستنزف وقت وجهد الحكومة للرد علي أمور غير موجودة أصلا إلا في خيال كاتبها أو الجهة التي نقل عنها.
فارق كبير بين النقد المباح وهو أمر صحي ومطلوب وتحتاج إليه الدولة من آن لآخر للوصول بالانجازات إلي أقرب صورة للكمال وبين الاساءة للدولة علي طول الخط لجذب المشاهدين.. الأولي "مهمة وطنية" والثانية "مهمة شيطانية".