الوفد
مصطفى شفيق
من قلبى.. الأكشاك.. جريمة على الرصيف
الشارع المصرى لم يعد ملكاً للمواطن العادى، باعه الفاسدون للبلطجية، والفاسدون فى الأحياء وفى المرور وفى أقسام الشرطة، صحيح أنهم قليلون، صحيح أنهم فى غير مواقع القيادة، لكنهم أقوياء، مؤثرون، قادرون على تنفيذ مصالحهم، وفرض سيطرتهم حتى على الكبار، والكبار استسلموا لهم، وتركوا لهم الشارع ساحة للتكسب والارتزاق، انظر إلى الشارع، أى شارع، فالأكشاك تحتل الأرصفة، كل الأرصفة تحت الاحتلال، قديماً كنا نطلق عليها أكشاك بيع السجائر، وكانت تراخيصها تصدر بشروط غير متوافرة إلا فى قليل من البشر، كانت تمنح لمجرم تائب، أو حتى مظلوم دخل السجن ولا يجد مصدرا للرزق، وكانت التراخيص لا تصدر فى الشوارع الرئيسية، وكانت الأكشاك تزال فوراً إذا اشتكى سكان المنطقة من مجرد وجودها، اليوم أصبحت الأكشاك أكبر من محلات السوبر ماركت، سوبر ماركت على الرصيف، وتحولت من مجرد أكشاك إلى تجارة رائجة، ووصل إيجار الكشك الواحد إلى 5 آلاف جنيه شهرياً فى الأماكن غير المهمة، ويرتفع إلى 10 آلاف فى الميادين والشوارع أو الأماكن الحيوية، وتحولت الأكشاك من تشجيع للراغبين فى التوبة إلى مفرخة ومصنع للبلطجية والمجرمين، يحتلون الأرصفة بالبضائع، ويحتلون نهر الطريق بالأحجار تارة، وبصناديق المياه الفارغة تارة أخرى، والويل لمن يحاول أن يزيل أياً منهما ولو كان مسئولاً فى الحى، فقد دفع صاحب الكشك الإتاوة وليس لأحد عليه من سلطان.
يقولون إن الأكشاك فى القاهرة من سلطة المحافظ فقط، فإن صح هذا فتلك مصيبة، فانتشار الأكشاك فى القاهرة أصبح ظاهرة، بل تكاد تتحول إلى جريمة لا تتفق مع منصب المحافظ، لأنه يمثل رئيس الجمهورية، ورئيس الجمهورية حالياً لا يقبل فساداً، ولا تشويها، ويتبى برنامجاً لإزالة القبح والعشوائية والخطورة من جسد البلاد، ولا يجوز لمن يمثله أن يخالف هذا البرنامج، ولا أظن المحافظ ونوابه يسيرون فى شوارع غير التى نسير فيها، ولا أظنهم أيضا لا يرون ما تصنعه أكشاكهم فى الشوارع، المؤكد أنه يعلم وأنهم يعلمون، وأنه يرى وأنهم يرون، وأنهم يغمضون العيون عن هذا القبح المنتشر على الأرصفة، ثم إن فكرة الكشك لا تصلح أن تكون مشروعاً اقتصادياً، لأنها لا توفر فرصة عمل إلا لشخص واحد، وحتى توفر فرص عمل لألف مواطن مثلاً تحتاج إلى ألف كشك تزرعها على الأرصفة وفى الميادين، وألف كشك تعنى ألا يجد المشاة مكاناً إلا نهر الطريق يزاحمون فيه السيارات، ويتعرضون لمخاطر يحميهم منها الرصيف، إن وجد، لا أظن محافظ القاهرة يملك جواباً شافياً عن سؤال مهم: هل تعلم عدد الأكشاك فى القاهرة، وكم زاد فى الآونة الأخيرة، وما مقدار الفساد فى منح تراخيص الأكشاك؟
تباريح
خصلتان تدمران المرء: التفكير فى الماضى يشغله عن التخطيط للمستقبل، ومراقبة الآخرين تشغله عن تطوير قدراته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف