سعد سليم
انطلاقاً من علاقات وروابط تاريخية ومصير واحد قمة الحكمة المصرية
انطلاقاً من علاقات وروابط تاريخية ومصير واحد
قمة الحكمة المصرية - العُمانية.. احترام متبادل ومصالح مشتركة
رؤية واحدة تجاه معظم القضايا العربية والدولية.. في مقدمتها القضية الفلسطينية
آليات جديدة وتصورات واقعية.. لمضاعفة حجم التجارة المباشرة بين البلدين
العلاقات المصرية - العمانية تمثل محور ارتكاز مهماً علي الساحة السياسية والعربية.. يسعي البلدان دائما إلي سياسة حل الخلافات علي مبدأ الحوار والتفاوض وتغليب لغة العقل والمنطق علي أي لغة أخري.. كما يدعوان إلي إحلال السلام والاستقرار إقليمياً ودولياً مع عدم التخلي عن أي من الحقوق العربية عامة والفلسطينية خاصة.. لذلك فإن للدولتين رؤية واحدة تستهدف تقديم أقصي دعم ممكن لنضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة.
علاقة البلدين ليست حديثة ولكنها ضاربة في أعماق التاريخ الأمر الذي أدي إلي علاقات تجارية واقتصادية واسعة تطورت إلي إنتاج أهداف سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية واسعة.. ومن هنا فإن تلاقي الأفكار والمواقف بين الدولتين تجاه قضايا المنطقة بل والعالم لم يأت من فراغ.. بل كان للتاريخ والجغرافيا الأثر الكبير في بلورة المواقف المشتركة بين البلدين.
من هنا تأتي أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لسلطنة عُمان ولقائه السلطان قابوس بن سعيد والتي بدأت أمس وهي الزيارة الرسمية الأولي له منذ توليه مهام منصبه.. وهي أيضا أول زيارة لرئيس مصري منذ عام 2009 والتي يتطلع الجانبان لها لتكون استمراراً لتوثيق التعاون المشترك بين البلدين علي جميع المستويات ولتمثل إضافة قوية ونقلة كبيرة للعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية التي تربط بين البلدين الشقيقين.
استعدادات كبيرة وملموسة من الجانب العماني وترحيب شديد بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي.. فقد ازدانت الشوارع بالأعلام المصرية في تظاهرة حب وتقدير لمصر وشعبها وقائدها في تعبير واضح عن أهمية هذه الزيارة التي تأتي في وقت حاسم ولحظات فارقة يمر بها العالم العربي والمنطقة بأكملها.. والتي تحتاج لأن تتلاقي فيها أصوات العقل والحكمة للبحث في كيفية الخروج من النفق المظلم والعمل علي حل الخلافات العربية في إطار الأسرة الواحدة.
تشهد الزيارة والقمة التي جمعت الرئيس السيسي والسلطان قابوس بن سعيد اهتماماً عالياً من الإعلام العُماني الذي أكد أن الاتصالات والمشاورات بين البلدين لم تتوقف عبر وسائل متعددة في السنوات الأخيرة وعلي مستويات مختلفة.. إلا أنه ليس مصادفة أن تحظي هذه القمة باهتمام واسع وملموس علي مختلف المستويات والقضايا الثنائية والعربية والإقليمية التي تفرض نفسها علي دول أمتنا بل ومنطقتنا بأكملها وشعوبها التي تتطلع وتأمل في حلول سلمية وإلي تجاوز الخلافات وإنهاء الحروب والمواجهات التي يكتوي بها الأشقاء في أكثر من قطر عربي علي مدي السنوات الأخيرة.
قمة الحكمة المصرية - العُمانية تؤكد أن الازدهار لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل استقرار وأمن شعوب المنطقة ولن يأتي إلا من خلال تعاونها الصادق لتحقيق مصالحها المشتركة والمتبادلة في ظل الاحترام الكامل لسيادة العدل والالتزام بعدم التدخل في الشئون الداخلية.. وفي ظل ثقة متبادلة تفتح الطريق وتتيح الفرص أمام مزيد من خطوات التعاون وصولاً إلي التكامل المثمر لصالح دول المنطقة وشعوبها لمواجهة تحديات عديدة وغير مسبوقة والانطلاق لبناء حياة أفضل لشعوبها.. وتعتبر العلاقات المصرية - العُمانية نموذجاً صادقاً لهذا التوجه علي مر العصور والأزمنة.
الجهود الدبلوماسية الهادئة التي تبذلها الدولتان لإقرار الأمن والسلام الإقليمي والعالمي إضافة لحرصهما علي القيام بأنشطة اقتصادية واعدة وفاعلة.. جعلهما ملتقي للقادة ومحط أنظار المراقبين في العالم.. ومن هنا تأتي أهمية هذا اللقاء الأخوي الذي يعد امتداداً للعلاقات القوية الراسخة بين مصر وسلطنة عُمان.
سلطنة عُمان داعم قوي ومستمر لمصر علي مدار التاريخ.. فهي الدولة الوحيدة التي لم تقطع علاقتها مع مصر عقب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل ولم تنضم إلي جبهة المقاطعة وكانت أيضاً داعماً لمصر في العدوان الثلاثي عام 1956 وكذلك في حرب أكتوبر 1973.
لن تقتصر الزيارة علي مباحثات الشأن السياسي بل ستمتد بين الرئيس السيسي وجلالة السلطان قابوس لمناقشة العديد من الموضوعات التي تهم البلدين وتعود بالنفع علي الشعبين الشقيقين.. خاصة أن هناك ترحيباً ملموساً بزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين ورغبة أكيدة في العمل علي دفع العلاقات التجارية بينهما إلي آفاق أوسع وأرحب مستقبلاً بعد أن لمس رجال الأعمال العمانيون حجم التطور والتنمية والمشروعات القومية العملاقة وأصبحت مصر مجالاً خصباً للاستثمار الآمن.
من هنا فإن الرئيس السيسي والمسئولين المصريين سيلتقون مع وفد من أكبر رجال الأعمال العمانيين لإطلاعهم علي فرص الاستثمار الواعدة بمصر.. وما قدمته الدولة من إجراءات لحماية المستثمرين والتسهيل عليهم وتقديم كل الدعم والمساندة لهم.. وحثهم علي الاستفادة من موقع مصر المتميز كبوابة للسوق الإفريقية وخاصة بعد حفر قناة السويس الجديدة.. لتنفذ منتجاتهم وصناعاتهم لدول إفريقيا عن طريق السوق المصرية.
من المؤكد أنه بعد هذه الزيارة ولقاء الرئيس برجال الأعمال العُمانيين ستكون هناك سرعة لتفعيل أعمال اللجنة المصرية - العُمانية المشتركة للعمل علي وضع آليات وتصورات لمضاعفة حجم التعاون التجاري بين البلدين.. ومن أهمها النظر في توقيع اتفاقية عدم الازدواج الضريبي وتوقيع عدد من الاتفاقيات التي تخدم البلدين والشعبين.. فالأرقام تشير إلي أن حجم التبادل التجاري بين مصر وسلطنة عُمان وصل إلي 300 مليون دولار في عام 2017 وهو ما لا يتناسب مطلقا مع قوة ومتانة وعمق وتاريخ العلاقات بين الشعبين المصري والعُماني.
مضاعفة حجم التجارة المباشرة بين البلدين تحتاج إلي جهود كبيرة من الجانبين وأيضا لابد من النظر في إيجاد وسائل لتسهيل عمليات النقل وحلول لمشكلات شهادات المنشأ والتوثيق والشهادات الخاصة بالمنتجات وغيرها من الإجراءات الروتينية التي تعوق تسهيل عملية التجارة بين الدول.
جهود واضحة وملموسة لا ينكرها إلا جاحد يبذلها الرئيس السيسي داخلياً وخارجياً من أجل أن يضع مصر في مكانها الصحيح.. فمن أديس أبابا حيث العودة لقيادة القارة الإفريقية واختيار مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقي في دورته القادمة 2019 ومفاوضات ناجحة بخصوص سد النهضة حتي لا تتأثر مصالح مصر المائية.. إلي افتتاح حقل ظهر والذي سيحقق أحلام وطموحات الدولة المصرية الوطنية في المستقبل والذي يعكس قدرة مصر علي تحقيق الإنجازات الكبري علي أرض الواقع في زمن قياسي يحطم المعدلات العالمية.. ثم زيارته لمشروع هضبة الجلالة إحدي القلاع التنموية الجديدة التي توفر الحياة الكريمة والتي تليق بالشعب المصري.. والذي يعد مشروعاً تنموياً يساهم في إنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة.