الأخبار
فرج ابو العز
فار يا مسعودي.. فار
في مشهد رائع في أحداث مسرحية »المتزوجون»‬ لفرقة ثلاثي أضواء المسرح تقول فيه الممثلة شيرين في دور ابنة الذوات لنجم الكوميديا سمير غانم: »‬فار يا مسعودي.. فار» لا تستطيع أن تتمالك نفسك من أن تقع علي الأرض ضحكا عندما تستطرد: أنا كان عندي فار اشتريت له سلسلة دهب بس يا خسارة.. مات.
هذا المشهد سيطر علي ذهني مع تصريح اللواء رفعت حتاتة رئيس شركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة وأعمال التأمين والنظافة لأحد المواقع الإخبارية بأن وجود الفئران في القطارات محدود ولا يصل إلي درجة الظاهرة، وأن مجهودات السكة الحديد ساعدت بشكل كبير علي تقليلها. مستطردا: »‬بنعقم القطارات بسم الفئران لكن تواجد القطارات في الورش التي يتواجد بها هيش وبوص يعزز من تواجد الفئران بالورش وبالتالي في القطارات وضيق الوقت بين الرحلات لا يساعدنا علي التنظيف الكامل».
أنصح كل من قرأ هذا التصريح العجيب الغريب المريب بأن يتوجه فورا لهيئة السكك الحديدية ليشتري فأرا حتي من غير ما يشتريله سلسلة ذهب لعل وعسي تحقق الهيئة إيرادا وتحل عن سمانا وتتراجع عن الاتجاه لرفع أسعار تذاكر القطارات.
هذا التصريح - إذا ثبتت صحته - فحتي كتابة هذه السطور لم أقرأ تكذيبا له أو حتي توضيحا بشأنه، يستحق المساءلة ليس لمن قاله فقط لكن لرئيس الهيئة وكذلك د. هشام عرفات وزير النقل. فعندما يقول اللواء حتاتة في التصريح ذاته: »‬يمكن لك أن تري فأرا خلال رحلتك بالقطارات، لكن رؤيتك له ستكون مجرد لمح البصر، وهذا راجع إلي أن تواجدها محدود جدا وليس صحيحا ما يحاول البعض يصوره من أن القطارات مليئة بالفئران».
والسؤال الآن: إذا كان اللواء حتاتة يعترف بأنك كراكب قطار يمكنك أن تري فأرا لكن مجرد لمح البصر فهذا تأكيد علي أن هذا الأمر عادي وأكثر من عادي في المعادي، لكن المشكلة ستكون في الراكب الغاوي الذي يريد أن يري الفأر بالقطار علي تؤدة أي بالسلوموشن لعل الفأر يسمح ويتكرم بأن يأخذ مع الراكب الغاوي صورة سيلفي أو أن يكتب له كلمة في ألبوم ذكرياته حول فئران القطارات.
ليس هذا فقط بل تابع اللواء حتاتة: »‬عندما يقوم كل يوم 1000 قطار برحلات ولما يبقي فيهم قطار واحد فيه فئران يبقي ده عادي والمسابقة التي أطلقتها الشركة بين عامليها لتحسين مستوي نظافة القطارات ساهمت في خلق منافسة بين عاملي النظافة مما انعكس علي تحسين مستوي النظافة بالقطارات والمحطات وجاري تقييم المحطات والقطارات التي تقدمت للمسابقة لاختيار أجمل محطة وأجمل قطار».
وهنا لديّ عتاب شديد جدا للواء حتاتة علي أن المسابقة إياها لم تتضمن اختيار أجمل فأر في القطارات الذي لاشك أنه سيكون فأرا يرتدي ببيونة حمراء وفي رقبته سلسلة دهب ومن المهم أيضا البحث عن نسبه أهو فأر أصيل مأصل في السكة الحديد أم أنه هرب من أحد الجحور لسكني القطارات ببساطة لأنه فأر نزهي يحب السفر والرحلات أو علي الأقل منح حوافز للراكب الذي يضبط الفأر متلبسا.
مع احترامي لشجاعة وشفافية اللواء حتاتة لكني كنت أتمني أن يحجب هذه المعلومات التي لا تفيد الراكب ولا تفيد هيئة السكة الحديد التي تطالب بزيادة أسعار التذاكر التي أظنها علي الأبواب بدعوي الحصول علي إيرادات لتحسين الخدمة والتي حتما سيكون ضمن بنودها شراء سم فئران زعاف رغم أن هذا يخالف أبسط حقوق الفئران في أن ترتع في القطارات وتزعج الركاب.
لقد كتبت من قبل منتقدا زيادة أسعار تذاكر القطارات مطالبا وزارة النقل والسكة الحديد بالبحث عن موارد بطرق أخري واستثمار المحطات المنتشرة في أرجاء البلاد في أنشطة استثمارية تدر عائدا علي الهيئة، لكن بعد تصريح الفئران فأنا في أشد الأسف والندم فأن يدفع المواطن زيادة في التذكرة خير من أن يجد فأرا في جيب الجاكت أو مستقرا في سبات عميق داخل حقيبة سفره.
أبسط قواعد المسئولية أن كل ما يعرف لا يجب أن يقال فالأمر يحتاج لموازنة بين صدم المشاعر والشفافية والإفصاح فكما اعترفت هيئة السكة الحديد بوجود فئران محدودة جدا نطالبها بأن تصارحنا بكل الأمانة ودقائقها: لماذا تخسر كل هذه الخسائر وهل هناك سبيل آخر للعلاج غير اللجوء دائما لجيوب الناس؟

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف