المصريون
د. محمد فتحي رزق الله
المحاماه..حين تتحول قبلتها
إن الناظر إلي حال المحاماة،والمحامين،في الآونة الأخيرة،يجد نفسه أمام مهنة عظيمة،خطيرة،أضاع هيبتها من لا يعرف قدرها من أهلها.
ويكفي دليلاًعلي خطورة هذه المهنة الجليلة،أن النزاعات،والمشاجرات،والمدارءات،لايمكن بحال تصور انتهائها،وانقضائها في زمن من الأزمان،ولما كان معظم المتخاصمين لا يجيدون الدفاع عن حقوقهم،التي قد تبتلعها الخصومات،لا سيما في ظل التنظيم الاجرائي لعملية التقاضي،في شتي الدول،الأمر الذي يستلزم علماً من نوع خاص،لإمكانية التعامل مع هذا التنظيم،أصبحت الحاجة ملحة لوجود متخصصين في هذا النوع من فنون العلم،ولا أدل علي ذلك من عدم خلو مؤسسة من المؤسسات،وطنية كانت،أم إقليمية،أم عالمية،من وجود كياني قانوني بداخلها،يحفظ للمؤسسة حقوقها،ويدافع عن أي اعتداء يقع عليها.كم من أفراد أصحاب حق في الحقيقة،لكن ضاعت حقوقهم،بل وأصبحوا هم المدينين بالحق،بسبب ضعف المستوي في استخدام حجتهم،وإظهارها علي النحو المناسب!وكم من معتدي،مغتصب للحقوق،حُكم لصالحه،وأصبح صاحب حق علي غير حق،لقوته أو موكله في اظهار حجة ضعيفة،واقناع القاضي بها!!ومن هنا نجد أنفسنا أمام مظلوم ضاع حقه،ومعتد ظالم،قُضي له بحق غيره،فمن للمظلوم إذاً ؟؟ومن يستطيع الأخذ علي يد الظالم؟؟هل غير المحامي من سبيل؟؟ لذا فالمحاماة لمن يعرف قدرها رسالة عنوانها هو قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم:"خير الناس أنفعهم للناس"،وقوله صلي الله عليه وسلم:"إن الله في عون العبد،ماكان العبد في عون أخيه"،وقوله:" ذروة سنام الجهاد رجل قام إلي سلطان جائر،فأمره ونهاه فقتله"رسالة عنوانها التحذير من الدفاع عن المعتدين الظالمين،ضد الضعفاء والمظلومين،التي توعد الله فاعل ذلك بقوله:"هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة"،رسالة حذر فيها الني محمد من يمارسها علي غير وجهها بقول:"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه".لكن الناظر إلي حال المحاماة،من خلال النظر إلي المحامين أنفسهم،يجد حالاً يُرثي له!! لماذا؟ لأنك إذا تجولت باحات المحاكم،وجدت عينيك تقع علي نماذج وأحوال شتي من المحامين،أحسب أن هذه هي أنواعهم:
_محام ذو علم وثقافة متعددة،تخدم تخصصه وعلمه،فصاحة وبلاغة،هما أهم أدوات عمله،اللتان تخبرا عن حاله،وشخصيته،يجادل عن موكله في حق،دائم الفكر،دائب التطوير،وهذا النوع كاد أن ينقرض،فماهو إلا كالبدر،لا تجده إلا في أيام معدودة،ثم تظل علي شوق تتنظر عودته.وهؤلاءومن علي دربهم هم المعنيون بقول الله سبحانه:"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" وقول رسول الله محمد،صلي الله عليه وسلم:"إن الله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه".وقول الحبيب صلي الله عليه وسلم:"خير الناس أنفعهم للناس".محام ذو علم بتخصصه،لكنه غير مثقف،يجادل عن حق،أوعن غير حق،عن ظالم،أو عن مظلوم،وهذا النوع لا هم له إلا جني المال،وهذا لا خير فيه.محام ذو علم بتخصصه،وعلي قدر من الثقافة مقبول،لا يطور من نفسه،لأجل عمله،وتخصصه،يجادل فقط من أجل أصحاب الحقوق،ومثل هذا سعيه مشكور.محام ذو علم بتخصصه،وعلي قدر من الثقافة مقبول،يجادل فقط من أجل المجرمين،والظالمين،والمشبوهين،ويستخدم عمله وتخصصه في تشويه أصحاب العقول،وقامات الفكر الحقيقي،ورموز النهضة الفعليين،رغبة في شهرة،أو طمعاً في مال،أو زلفي لسيد يعبده من دون الحق الذي مادخل الحقوق،ولا درس موادها إلا لأجل إعلائه،وهؤلاء ومن علي شاكلتهم،هم المخاطبين بقول الله سبحانه:" هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلاً".محام لا يملك من أمر المحاماة ،سوي مابيده من (كارنيه النقابة)،فلا تجده إلا مجرد رقم في سجل المحامين.لا تراه في محكمة،ولا تسمع به في دعوي،وإنما قد تري معظم أمثال هؤلاء يعمل بمهنِ لا تتناسب البتة والمحاماة.والمحامي في أبسط معاني اللغة، هو من يتولي مهمة الدفاع عن الخصوم أمام القضاء.ومن معانيه الوكيل, أي الكفيل,والكافي، والمحاماة هي الوكالة وكفالة الدفاع عن الآخرين.ومن معانيها:المجادلة, والتي هي المخاصمة فيما وقع فيه خلاف بين اثنين, والمخاصمة معناها (منازعة أو مخالفة بين اثنين على وجه الغلظة).وومن بين شروط ممارسة مهنة المحاماة،وفق نص المادة 13،من قانون المحاماة 17 رقم /1983م،والمعدل صياغتها بالقانون 197/2008م،أن يكون المحامي حسن السيرة(فلا يرتكب من الممارسات ما يُشينه،ويشوه سيرته،وتلوكه الألسنة بالسوء).لكن أن تُمسي المحاماة وسيلة لتشويه الخلق،وملاحقة الشرفاء،والنيل من رموز العلم،وشرف العلماء،وتصف عالماً مصرياً (هورمزوقدوة لكل مصري مجدِ)يعمل في معمل محركات الدفع الصاروخي بوكالة ناسا الأمريكية،في القسم المختص بالتصوير بالرادار،والذي يشرف على العديد من المهام العلمية لاكتشاف كواكب المجموعة الشمسية.،ويشرف في الوقت الراهن على مشروع قمر صناعي،يدرس المياه الجوفية وأثار التغير المناخي على المناطق الصحراوية،ويعمل في فريق بحث علماء ضمن مشروع تتعاون فيه وكالة ناسا مع وكالة إيسا (European Space Agency ) لدراسة المذنبات،ويشارك في أبحاث استكشاف الماء في المريخK وتدريب رواد الفضاء ،وتصميم مركبات الفضاء المتجهة إلى أجزاء مختلفة من المجموعة الشمسية،ويشغل منصب أستاذ لعلوم الفضاء بجامعة باريس بفرنسا، وعضو زائراً بهيئة التدريس بجامعة كالتك ،بولاية كاليفورنيا، وهي نفس الجامعة التيدرس فيها العالم الراحل ،الأستاذ الدكتور أحمد زويل،وهي أعلى الجامعات الأمريكية في مجال العلوم،وعرف بموقفه بمطالبات إصلاح التعليم الجامعي،والقضاء على الفساد المتفشي في المنظومة التعليمية،( وهو ما أدي إلي أن قامت جامعته _جامعة القاهرة _بفصله في سنة 2004م، بسب نقده للفساد في إدارة الجامعة في ذلك الوقت)،وصنفته الجامعة العربية ومجلة تايمز سنتبيتسبرج الأمريكية كواحد من أهم لشخصيات الفكرية في مصر والعالم العربي وهو في التاسعة والعشرين من عمره،وحصل علي العديد من الجوائز العلمية تقديرا لدوره في اكتشاف المياه على المريخ ،ومايعنيه ذلك لفهم تطور المياه على كوكب الأرض،وخاصةً تطوير اكتشاف المياه في المناطق الصحراوية،وفي عام 2006م منحته فرنسا جنسيتها كعالم متميز(وعلي الرغم من انجازته العلمية هذه لم يحصل على أي تكريم في مصر)،....أن تتحول المحاماة من مهنة تنال من أمثال هؤلاء،بدلاً من أن تكون مهنة نصيرة الضعفاء،والثكلي،وذوي الحاجات،والمنكوبين،وطوفان ثائر،وهائج، في وجوه الظالمين،والباغين،فهو امتهان للمهنة،ولكرامتها،وضياع لسمت الكثيرين من رموزها،وتحويل لقبلتها شطر الاضمحلال والانهيار.ثوبوا إلي رشدكم يرحمكم الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف