ايمن عبد الجواد
باختصار .. الاستقالة يامعالي الوزير
للكرسي في بلدنا سحر عجيب من يعتليه لا يتركه إلا قسراً. مهما كانت الاخطاء أو الكوارث التي ارتكبها أو تم ارتكابها في عهده.
استقالة الوزراء ليست بدعة وتحدث في الدول الاخري- المتقدمة وغير المتقدمة- لانهم يدركون أنهم مغادرون عاجلاً أم آجلاً.. أما عندنا فالوضع مختلف حيث نتمسك بالمنصب بكل ما أوتينا من قوة لاسباب لا يعلمها إلا من جلسوا علي كرسي معالي الوزير.
ولو كنت مكان وزير التربية والتعليم لأخذت "قرصين شجاعة" وبادرت بترك موقعي الآن- وفوراً- مثلما يفعل الاجانب كنوع من الاعتذار لأولياء الامور بعد ما حدث في امتحانات الثانوية العامة وقبل أن يحدث الامر ذاته بالاقالة أو التغيير الوزاري.
وحتي أكون منصفاً فإن هناك وزيرين آخرين يشاركان في المسئولية عما جري ويجب عليهما اتخاذ نفس القرار أحدهما وزير الاتصالات والثاني لن اذكر اسمه وسأترك الامر لفطنة القارئ الكريم.
لقد اطلق د. محب الرافعي وزير التربية والتعليم تصريحاته النارية قبل الامتحانات بفترة طويلة مؤكداً ان كل شئ علي ما يرام والامور تحت السيطرة ولن يكون هناك غش هذا العام. وسار وزير الاتصالات علي نفس الدرب وإن كان بصورة أخف.
وكالعادة أثبتت التجربة العملية- والتجربة خير برهان- أن كلام الوزير- أو الوزيرين - مجرد أحلام ليلة صيف. ولم نلمس تأثير الاجهزة التي تكتشف وجود الموبايل داخل اللجان أو بمعني أدق لم تستطع الوزارتان الوفاء بتعهداتهما السابقة بمواكبة أساليب الغش وحصار الغشاشين.
الاشكالية- أو المصيبة السوداء- أن وزارة التربية والتعليم تقمصت دور "الداخلية" وتعاملت مع الموضوع بمنظور أمني بحت دون ان تكلف خبراءها ومستشاريها بالبحث عن أسباب الظاهرة وغيرها من الظواهر التي أصابت العملية التعليمية في مقتل.
لم يطرح المسئولون السؤال البديهي والمنطقي في مثل هذه المواقف: لماذا يلجأ أبناؤنا إلي الغش ويتحايلون بكل الطرق والوسائل الممكنة ويبتكرون أساليب جديدة كل عام لتحقيق تلك الغاية؟.. وما هي الوسائل التي يتبعها العالم المتقدم لمواجهة الظاهرة؟
ولماذا أصبحنا نسير بالفهلوة تارة وبالعنف والبلطجة تارة أخري في حياتنا كلها وليس الامتحانات فقط؟.. ولماذا تحصل مصر بجدارة علي المرتبة "136" من بين "144 دولة" في مستوي جودة التعليم؟
ولماذا أصبحت الدروس الخصوصية بديلاً شرعياً لمدارس الحكومة؟!.. وهو أمر يعلمه القاصي والداني حتي لو أغلقت الوزارة عينيها وأصمت أذنيها!!
القضية أعمق وأكبر من اختزالها في مسألة الغش بالموبايل أو غيره. فالمنظومة التعليمية كلها بحاجة إلي المراجعة إذا أردنا الاصلاح حقاً وليس البحث عن شماعة نعلق عليها أخطاءنا لكي نحتفظ بمناصبنا أطول فترة ممكنة!!
تغريدة:
قرأت آيات الصيام مائة مرة. فلم أجد ذكراً للياميش أو غيره من مستلزمات رمضان.. ارحموا انفسكم يرحمكم الله.