اختفت الأزمات، فأصيبت الجماعة الإرهابية ومن معها، باليأس والإحباط والجنون.. فلن تجد كارثة ترقص علي ضحاياها، ولن يكون في وسعها أن تبكي علي شهداء الخبز أمام الأفران، ولا طوابير أنابيب البوتاجاز، ولا انقطاع الكهرباء أو عدم وصول المياه للأدوار العليا.. حتي الأسعار أخذت في الهدوء والاستقرار، ولا احتجاجات أو مسيرات.. البلد هادئ جداً والحياة تسير، فلن تجد جماعة الشر ناراً تشعلها، ولا مأتم تلطم فيه الخدود.
الجماعة الإرهابية لا تعيش إلا علي الشر، ولا تنتعش إلا بالأزمات، وأتوقع أن يهديها تفكيرها إلي تصعيد حروب الشائعات من كل صنف ولون، وأن تزداد ضراوتها مع اقتراب موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية، فبعد أن يئست من نفخ بالونة المرشح المنافس وانفجرت في وجهها، أصبح همها الوحيد هو التشكيك في كل شيئ، ومعني إجراءات الانتخابات في أجواء صحية، أن مصر مقدمة في الأربع السنوات القادمة، علي مستقبل مزدهر واستمرار المشروعات الكبري، التي تؤتي ثمارها تباعاً.
الجماعة الإرهابية تعتبر أن حب الأوطان ضد الأديان، وتفتري علي الإسلام كذباً لترسيخ مفهوم التعارض، وأن من يحب وطنه يكره دينه، ومن يتمسك بأرضه يخرج علي مبدأ كل الأرض لكل المسلمين، ومن يختار حاكماً وطنياً يضرب قاعدة فليحكم مصر ماليزي أو سريلانكي، فلا مانع لديهم من التفريط في الأرض والهوية والوطنية، لأن ذلك هو السبيل الوحيد للوصول إلي دولة الخلافة المنشودة.
حاولت الجماعة الإرهابية علي مدي سنوات طويلة، أن ترسخ مفهوم »الأوطان ضد الأديان» في نفوس التلاميذ الصغار، وساعدها علي ذلك ما تمتلكه من مدارس في مراحل التعليم الأولي، وعلمت التلاميذ الصغار، أن يرفعوا علماً أخضر أو أسود من الورق، بدلاً من علم مصر، وأن يردوا علي نشيد »بلادي.. بلادي» بــ »جهادي.. جهادي»، ولن ينصلح حال مصر ولن تطمئن علي مستقبلها، إلا إذا حدثت ثورة في التعليم، لتطهير هذه الجيوب وما تحويه العقول.
الوطن عند الجماعة الإرهابية ترانزيت، أو »لوكاندة»، تقطنه انتظاراً للمحطة القادمة، التي تخطط لها منذ إنشائها وهي إقامة الخلافة الإسلامية، ليسود قادتها السلطة والحكم، علي جثة الوطن وهوية المصريين، واعتادوا أن يرجعوا للجحور ويدخلوا مرحلة الكمون، كلما كانت قبضة الدولة قوية، وسادت المشاعر الوطنية الجارفة.
الجماعة الإرهابية لا تعلم أن الوطن ليس قطعة من الأرض، قابلة للتنازل أو المساومة، ولكنها مشاعر متجذرة في الأعماق، يشعر بها كل حر يحب وطنه وينتمي إليه، ويأكل من زرعه ويرتوي من نيله ويتنفس هواءه، ويكون مستعداً للتضحية بروحه وحياته من أجله.. وأن الإنسان بلا وطن كيان بلا روح وجسد بلا إحساس، ويفقد الأمن والاستقرار والطمأنينة، »وطني لو شُغلت بالخلد عنه، نازعتني إليه في الخلد نفسي».