عندما نفقد البوصلة.. تضيع الحقيقة.. وعندما يكون أسلوب وأداء بعض إعلامنا بهذا الشكل.. فماذا ننتظر؟
"إعلام فقد عقله".. جملة سمعتها من الزميل العزيز الأستاذ وليد الحسيني الناقد الرياضي.. فوجدتها متطابقة تمام التطابق مع حالة بعض إعلاميينا الآن.. وللأسف الشديد نحن نعيش حالة حرجة ومرحلة صعبة وحولنا مؤامرة كبري أدواتها الداخلية أخطر من أدواتها الخارجية.. ولدينا إعلام عندما يفقد عقله يكون أخطر علينا.
لا يهمني اسم الإعلامي أو الإعلامية بقدر ما تهمني الرسالة لذلك لن أتحدث عن أحد ولكن أتحدث عن حالة إعلامية لا تمارس أبسط واجباتها الفعلية.. تلك الحالة التي اختارت توقيتا لأول زيارة تاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسي إلي سلطنة عمان حيث كان الاستقبال تاريخياً وكانت سلطنة عمان كلها تنتظر هذه الزيارة التي تأجلت من قبل ثم حان وقتها وسط ترحيب وحفاوة لمصر السيسي.
أبسط قواعد العقل وليس الإعلام فقط أن تعرف ماذا تقول وتستعد لما تقول وهناك شيء اسمه الإعداد أصبح مهمة غير معقدة في ظل الشبكة العنكبوتية ومصادر المعلومات التي لا تحتاج إلا للتدقيق وتحديد المصدر الصحيح.
عندما يخرج علينا إعلام يصف السلطنة بأنها إمارة صغيرة ويتحدث عن سلطنة عمان بشيء من الاستخفاف وعدم الإعداد.. وبغض النظرعن الاعتذار بعد ذلك عن هذا الخطأ.. وبعيداً عن ربط هذا الخطأ سواء كان مقصوداً أو غير مقصود بخطأ آخر عن شعب المغرب الشقيق وخطأ ثالث عن المملكة العربية السعودية.. فإن هذه الحالة الإعلامية يمكن أن تكون مقياساً لحالة إعلام مصري فقد عقله.. بعد أن فقد بوصلته.
صديق العمر وأخي الأستاذ عاصم رشوان مدير مكتب الخليج في سلطنة عمان لحوالي ربع قرن.. كتب لي كلمات صادقة قائلا: "لم أكن أتخيل أن يصل مستوي الجهل بالكوادر المحسوبة ظلماً علي الإعلام المصري إلي درجة الحاجة الملحة لمراجعة حكم الجغرافيا التي لا تهزها "شخبطة" أطفال يلعبون في عالم الكبار.. أو إلي حد الحاجة لدروس تقوية في مادة التاريخ الذي لا يعترف بمحاولات التزييف أو عمليات السطو الممنهج.
فلا أعرف كيف تتحول الامبراطورية العمانية التي كانت تمتد من شرق أفريقيا غربا إلي شبه القارة الهندية شرقاً.. لتكون مجرد "إمارة صغيرة" في الخليج.
وواصل رشوان: في عمان أكثر من 500 قلعة وحصن تحكي كل منها قصة شعب عظيم سكن هذه الأرض الطيبة التي لم تكن يوماً مصدراً للفتن ونشر الأحقاد.. وإنما كانت ولاتزال منبتاً طيباً للمحبة وقبلة للفرقاء.
ربما لا تجد في عمان أبراجاً وناطحات سحاب لكن لديها ما لا يمكن للآخرين تشييده وإن تكاثرت ملياراتهم أو تعددت مؤامراتهم أو طفحت أحقادهم.
اندهش من مذيعة مصرية تتصدي لتحليل سياسي مشحون بالأخطاء ومحاولات التقزيم سواء عن قصد أو بدون عن دولة عظيمة اسمها سلطنة عمان في الوقت الذي يستقبل فيه جلالة السلطان قابوس رئيسنا عبدالفتاح السيسي بتلك الحفاوة الكبيرة والتي كانت فوق العادة.
واختتم قائلاً: من يغلق عينيه دون النور يضير عينيه ولا يضير النور ومنكم "السموحة" أهلنا وأحباءنا في السلطنة الحبيبة.
كلمات صديقي عاصم رشوان هي لسان حال كل مصري محب لمصر ومحب لأشقائه في عمان وفي كل العالمين العربي والإسلامي.
هذه القضية برغم حساسيتها وأهميتها أجدها مدخلاً ضرورياً لمواجهة حالة الإعلام المصري في هذا التوقيت الحرج والصعب.. فليست قضية إعداد وثقافة عامة فقط بل القضية أكبر وأشمل وأعم.. انها قضية إعلام فقد عقله وفقد البوصلة ويحتاج إلي دروس خاصة في فنون الإعلام.. بل وفنون الذوق العام.. قبل الثقافة العامة.. وأن يفهم معني الأمن القومي ومقوماته ويحتاج إلي دروس جديدة في الوطنية.. وفي الاحساس القومي والوطني ناهيك عن الوعي الذاتي والانساني والاجتماعي والسياسي والقدرة علي التحكم في النفس وفهم الأحداث والمعطيات العامة.
عندما أتعرض لقضية إعلام فقد عقله فلا أنكر أن هناك إعلاماً مازال يمارس دوره المهني والوطني بصدق وإخلاص.. وعندما أتعرض لقضية إعلام فقد عقله فإنني أتحدث أيضا عن إعلام متناقض مع نفسه يقول اليوم ما نفاه الأمس ويتحدث عن كل مرحلة بما يرضيها لا بما يتوافق مع الحق والصدق والعدالة والأمن القومي وصالح الوطن والمواطن.
إعلامنا يحتاج إلي وقفة مع النفس.. ووقفة معه من الوطن والمواطن.. فمتي نفيق إذا لم نفق الآن.
أيها السادة.. الآن.. الآن وليس غداً.
ناس من بلدنا "1"
هذا الطبيب الشاب الانسان لا أعرفه ولا يعرفني ولم نلتق يوماً أو حتي نتحدث سويا.. وأعتقد انه سيفاجأ بما أكتبه الآن عنه هو الأستاذ الدكتور مصطفي حجازي طبيب وجراح أمراض النساء في القلعة.
انه نموذج مشرف للانسان قبل الطبيب وما سمعته عنه ولمسته يجعلني أقول: الحمد لله ان في مصر من أمثاله الكثير.
أجري جراحة صعبة ناجحة.. والجميل أنه تكفل بمصروفات العلاج حتي الدواء يشتريه للمريض غير القادر.. لذلك قررت أن أكتب عنه وأشيد به.
النماذج المشرفة مثله في مصر كثيرة ونحتاج لأن يعرفها الناس لنتأكد أن بلدنا هو بلد الخير.
أذكر أن الأستاذ الدكتور رواء مصطفي أستاذ أمراض النساء بعين شمس أرسلت له مريضة لعلاجها وفوجئ أن حالتها متأخرة فقرر أن يجري لها الجراحة فوراً ولأنه عرف حالتها المادية مني فقد أجري الجراحة وعالج السيدة دون مقابل والأجمل انه اشتري لها العلاج من جيبه الخاص.
حالات عديدة أعرفها وقد عالجها هذا الطبيب الانسان المحترم دون مقابل.. بل وكان يعاملها أفضل معاملة ولا يشعر المريض الفقير أمامه إلا بأنه غني لأن الله سبحانه وتعالي أغناه بكرمه من خلال مثل هذا الدكتور الانسان.
نموذج أخر مشرف لا يعرفه الكثيرون إلا كرجل عام وعضو سابق بمجلس إدارة النادي الأهلي.. ورئيس اللجنة الطبية حالياً هو الأستاذ الدكتور محمد شوقي أستاذ الأسنان.. كم من حالات عالجها بالمجان وكم من حالات في غير تخصصه أنفق من جيبه لعلاجها.. بل كنت جالساً معه ورن هاتفي وكان محدثي ينتظرني لكي يشتري أدوات كهربائية ليتيمة تستعد للزواج.. وهذا أمر غير طبي فسألني ماذا تشترون لها فقلت أدوات كهربائية متوسطة الحال ستفرح بها.. فقال ولماذا لا تشتري لها أفضل أدوات كهربائية؟ ثم قال وعلي نفقتي ودفع ألف دولار فورا لنشتري ونسعد فقيراً.
أيتها النماذج المشرفة في مصر أنتم الأولي بالاهتمام وأن تعطوا النموذج والقدوة والكلمة الطيبة للآخرين.
هل عرفتم لماذا حفظ الله مصر وأهلها؟ لأن في مصر أناساً مثل هؤلاء.. وسنظل نلقي قليلاً من الضوء علي هذه النماذج.. دائماً أبداً.
همس الروح
** من يسأل عنك باستمرار.. هو من يستحق أن تكون لديه مكانة خاصة في قلبك.
* من يعرف عيوبك ويستمر في حبك.. هو من يحبك حقا.
** من يتهمك بالخطأ وهو يدعي أنه يحبك.. أدر له ظهرك.
** قلبي مدينة بيوتها الحب.. وشوارعها المحبة.