لم يكن طه حسين أديبا كبيرا ومفكرا عظيما. وصاحب أسلوب فريد في الكتابة. لم يكن ذلك كله فقط. إنما كان - أيضا - يتسم بعظمة الخلق وسمو الطبع والشجاعة الادبية. فضلا عن انسانية وصفاء روح وفي حياته ثلاثة مواقف تنم عن تلك الصفات الجميلة.
أولها. كان عميد الادب العربي في بداياته يكتب في بعض الصحف والمجلات الادبية ولعلاقته بالاستاذ عبدالعزيز جاويش الذي كان يكره الاديب الكبير مصطفي لطفي المنفلوطي.. حرضه علي مهاجمته مما جعل طه حسين يكوي المنفلوطي بنار النقد اللاذع والهجوم الشرس خاصة بعد صدور كتاب النظرات. أخذ طه حسين يكيل له العبارات النارية. ويقلل من قدرته الادبية. واسلوبه الجميل الرشيق الذي سلب قلوبنا حين قرأناه. وتملك علينا الاحاسيس والمشاعر مما جعلني اتمني لاولادي ان يقرأوا ما كتبه الاستاذ المنفلوطي ويستمتعوا به كما استمتعت به وحقق الله لي امنيتي في واحد من أبنائي يعشق المنفلوطي. وطه حسين معا.
نعود الي المعركة بين طه حسين والمنفلوطي وتمر الايام ويرحل الاخير الي رحاب الله ويحصل طه حسين علي درجة الدكتوراه من الجامعة الاهلية ثم يسافر الي باريس ليحصل علي درجة اخري من الدكتوراه. ويعود الي أرض الوطن ويعين مدرسا بالجامعة.
ينشئ طه حسين كتابه الايام. وفيه يعترف بشجاعة العظماء أن ما كتبه ضد المنفلوطي كان رغبة في الشهرة وبحثا عما يلفت الانظار اليه. وان المنفلوطي ما كان يستحق منه ذلك بل تأثر بأسلوبه في الكتابة.
موقف اخر لطه حسين.. في معركته مع الاديب الكبير مصطفي صادق الرافعي اشتعل الخصام بينهما الي حد كبير حتي ان الرافعي اتهم طه حسين بالحقد عليه والغيره منه. وعاب الاخير عليه انه يكتب بأسلوب العصر العباسي فيرد عليه الرافعي: ان ولدت امك مثلي فعلي اجر القابلة.. لكن طه حسين حين مات عدوه اللدود يبعث ببرقية عزاء الي أهل الرافعي في الوقت الذي لم يحضر جنازته احد من أدباء عصره.