يختتم اليوم معرض القاهرة الدولي للكتاب دورته الـ 49 وقد أحسن منظموه بعقده تحت شعار "القوي الناعمة .. كيف؟" كي يلفتوا النظر إلي أهمية هذه القوي وحاجة مصر الشديدة إلي استثمارها لاستعادة دورها الريادي في المنطقة والذي تراجع كثيرا خلال العقود الاخيرة.
وربما لم يلتفت غالبية الملايين من زائري المعرض الي مفهوم "القوة الناعمة". والذي بلوره كنظرية سياسية المنظر السياسي الأمريكي جوزيف ناي في كتابه الصادر عام 1990 بعنوان "مُقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية".
وتخلص النظرية الي أن "القوة الناعمة سلاح مؤثر يحقق الأهداف عن طريق الجاذبية والاقناع بدل الإرغام أو دفع الأموال".
ورغم أن ناي صاغ النظرية حديثا إلا أن القوة الناعمة تستخدم علي مدي التاريخ البشري. والقراءة المتعمقة تكشف أن القوة الناعمة المصرية هي الظاهرة الأطول عبر تاريخ البشرية.
ويقول الدكتور سليم حسن عميد الأثريين المصريين أن كتاب "فجر الضمير" للمؤرخ الأمريكي جيمس هنري بريستيد لايحتوي علي تصور شامل للحضارة المصرية القديمة ونشأتها. وأن أبرز مقوماته هي الأخلاق أو الضمير. وقد أثبت بريستد أن ضمير الإنسانية بدأ في التشكل في مصر قبل أي بلد في العالم.
ومصر لديها الكثير من الأسلحة الناعمة الحاسمة في "معركة الفوز بالقلوب والعقول" بشرط حسن استثمارها. وتوافر الإرادة السياسية لاستخدامها. وتوافر الجدية لدي القائمين علي تنفيذها. يكفينا أن اللهجة المصرية يمكن لغالبية العرب فهمها بسهولة . وقال لي صديق خليجي أنه يفهم اللهجة المصرية أكثر من لهجة بعض المناطق في بلده ويرجع الفضل في ذلك للفيلم العربي الذي كان يعرضه التليفزيون المصري والذي كان سهل المشاهدة في كل الدول العربيةپوالدراما المصرية وإذاعة صوت العرب.
أري أنه من الضروري إعادة تنشيط المعارض من أمثلة المعرض الصناعي الزراعي. ومعرض الكتاب بمد فترة العرض التي كانت في السابق تستمر شهرا. مع التزام الدولة بدعم ثقافة الكتاب بداية باختيار مادته العلمية الجادة في ظل حرية فكرية. ثم التيسير في الطباعة والسهولة في العرض والتقليل في السعر . لدينا نموذج عملي ناحج يتمثل في مكتبة الاسرة ولا ندري لماذا توقف؟!.
ومن الأهمية تنشيطپ صناعة السينما الجادةپ ومن ثم كثافة المشاركة في المهرجانات السينمائية في الداخل والخارج .پوالعمل علي استعادة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي العربي لعافيته. وإعادة الاحتفال الغنائي الشهري للتليفزيون المعروفة باسم "حفل أضواء المدينة" والذي ساهم في اكتشاف الكثير من الاصوات الغنائية المصرية والعربية .پ مطلوب دعم الصحافة المصرية التي تمتلك مدرسة متميزه ساهمت في تأسيس الصحافة في العديد من الدول العربية واجتذبتپ المئات من المفكرين والكتاب العرب للاستقرار بالقاهرة. وتنشيط سياحة المؤتمرات العملية پوالتبادل الثقافي.
پمطلوب توسيع المجال أمام الراغبين في الدراسة بمصر لأن التعليم يعد من أهم الأسلحة الناعمة فالحكومة الإندونيسية اليوم بها 7 وزراء . وبروناي بها 4 وزراء كلهم من خريحي الأزهر الشريف. والمفتي العام الحالي في روسيا تخرج في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر.
وفي الختام اتفق تماما مع رأي الكاتب محمد بدر الدين زايد والذي يري أن: "ظاهرة القوة الناعمة المصرية لم تتوقف أبداً عبر التاريخ لأنها نتاج معطيات جغرافية وديموغرافية وتاريخية تستعصي علي الإلغاء والاختفاء".