المساء
عصام سليمان
الحكومة.. وترشيد المياه!!
أطلقت الحكومة منذ أيام حملة قومية لترشيد استهلاك المياه.. وقامت بتشكيل لجنة ثلاثية من وزراء الزراعة والأوقاف والري.. تعقد اجتماعات تنفيذية لوضع الآلية المناسبة لنشر خطط التوعية ومتابعة تنفيذها بالمحافظات.
انه للحق تحرك جيد حيث يلمس قضية حياتية مهمة للمواطنين.. ولكن كنا نتمني مع اطلاق هذه الحملة أن نسمع كلاما محددا من وزيري الزراعة والري علي وجه التحديد حول الاطار الزمني والخطة التنفيذية لتطوير نظم الري المتبعة عندنا خاصة في الأراضي القديمة التي مازالت تعتمد علي الري بالغمر.. وماذا عن الإجراءات الحديثة كالري بالتنقيط أو الرش.. الخ من أساليب تساهم في توفير المياه وأيضا حماية التربة من أمراض الري بالغمر وسوء صرف هذه المياه وعدم الاستفادة بها علي النحو الكامل وكلها إجراءات سمعنا كثيرا عن البدء فيها دون ان نري مدلولا علي أرض الواقع لتنفيذها بكفاءة وفاعلية.. بدعوي عدم توافر التمويل أو صعوبة التنفيذ في الأراضي القديمة.
ثم ما هو الجديد في ضوء التقدم العلمي الحديث للخروج من هذه المشكلة المزمنة التي تلازمنا منذ سنوات طويلة وآن الأوان لنضع لها علاجا ناجعا بمشرط جراح ماهر.
أيضا.. كنت اتمني من وزارة الزراعة أن تعلن عن الخطة التنفيذية لزراعة المحاصيل غير الشرهة للمياه.. والرؤية المستقبلية لتطوير الإنتاج الزراعي كما ونوعا والاستفادة من التقاوي الحديثة التي تم استنباطها لمحاصيل استراتيجية.. خاصة وانها تقاوي موفرة للماء وتتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية عندنا.
ثم ماذا عن البرنامج الارشادي الذي سيتم اتباعه مع الفلاحين وأصحاب الأراضي لاستخدام هذه التقاوي الجديدة.. وكيفية مساعدتهم لتحقيق الاستفادة المطلوبة والمدة الزمنية للتطبيق علي مستوي كل المحافظات وليس محافظة واحدة أو عدة محافظات.. هل موسم زراعي أم موسمان أم أكثر لأن العنصر الزمني مهم جدا خاصة في ظل الاحتياجات المتزايدة من المياه لتلبية التوسع الزراعي وتغطية احتياجاتنا من الغذاء بدلا من الاستيراد وفي ظل الزيادة السكانية المطردة حيث بلغ التعداد أكثر من مائة مليون نسمة.
واقع الحال يؤكد - وكما قيل في نفس الزاوية يوم 13 يناير الماضي بعنوان "المشكلة والحل.. في المياه" ان احتياجات مصر المائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم استيراد القمح والبقوليات تصل إلي 114 مليار متر مكعب.. والمتاح لدينا 60 مليار متر مكعب منها 5.55 مليار من نهر النيل والباقي من الأمطار والمياه الجوفية وان احتياجات مياه الشرب وحدها زادت إلي 12 مليارا بخلاف استخدامات الصناعة والزراعة.
هذه الأرقام تم تداولها في البرلمان خلال مناقشة ساخنة حول ملف نقص المياه الذي نعاني منه.. ونقص حصة الفرد في مصر عن المعدلات العالمية.. وبالتالي كان يجب - وكما قلت - أن تعلن الزراعة والري عن برنامج تنفيذي محدد المعالم لا يعتمد علي التوعية فقط وهي جانب مهم للحفاظ علي نقطة المياه وفي حماية نهر النيل من التلوث والاعتداءات المستمرة ومن الاسراف في الاستخدام لمياه الشرب واستخدامها في غسيل الشوارع والسيارات وسلالم العقارات والمباني بالخراطيم.. ولكن أيضا برؤي وإجراءات عملية لتوقيع العقاب الرادع والفوري علي كل من يخالف ويعتدي علي قدسية الماء الذي قال سبحانه وتعالي: "وجعلنا من الماء كل شيء حي".
بصراحة.. الحملة القومية لترشيد استهلاك المياه والتي تتضمن تنسيقا حكوميا كاملا كما سمعنا وكما قيل للتنفيذ علي مستوي عدة وزارات منها: الاسكان والتربية والتعليم والتعليم العالي والنظافة والصحة والتنمية المحلية بالاضافة إلي وزارات الزراعة والري والأوقاف تحتاج إلي إرادة التنفيذ والرؤية المحددة للتطبيق علي أرض الواقع من خلال عدة محاور متكاملة وألا يتم التركيز علي جانب واهمال آخر حتي لا تفشل هذه الحملة.
فهل نحن جاهزون فعلا لتحقيق الترشيد المطلوب في الاستهلاك وتنمية الموارد المائية لدينا وحماية نهر النيل من التلوث والاعتداءات التي تحدث عليه ليل نهار وتهيئة البيئة المناسبة لملاحقة المعتدين وهواة اهدار ثرواتنا المائية طالما أمنوا العقاب؟!
بصراحة.. أتمني حتي تصبح الحملة القومية واقعا علي الأرض نلمسه ونعيشه وليس شعارا وفقط من الحكومة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف