المساء
طارق مراد
اللهم ارحم خالد العشري
رحم الله الصديق والزميل العزيز.. والصحفي الموهوب الخلوق خالد العشري أحد أعمدة النقد الرياضي الكبار ليس فقط بجريدة "المساء" التي توهج فيها وأبدع عندما انتقل إليها عام 98 قادمًا من جريدة "الكورة والملاعب" بل كان واحدا من أبدع فرسان الصحافة والحركة الرياضية المصرية بأسرها.
خالد العشري.. غادر دنيانا الفانية.. رحل فجأة بدون مقدمات لدار الحق بجوار ربه الذي توفاه بعد عمل صاخب كالعادة يوم الاثنين الماضي وقبل وفاته يوم الثلاثاء قضي عدة ساعات بالنهار بمقر النادي الأهلي وكأنه يودعه فقد عشقه بجنون ولكن دون تعصب.
نعم الموت هو الحقيقة الوحيدة في حياة البشر.. فنحن أمة لا إله إلا الله نؤمن بأن الله هو الحي القيوم الذي يحيي ويميت.. ونؤمن بقضاء الله وقدره وبأن لكل أجل كتابا وأن الموت هو النهاية الطبيعية لكل إنسان علي سطح المعمورة حتي يرث الله سبحانه وتعالي الأرض وكل من عليها حينما تقوم الساعة.
ولكن قسوة الموت تكمن في الفراق.. وهو ما يصيب الأحبة والأقارب والأصدقاء بالألم والحزن الشديدين.. يزيد من تلك القسوة ومشاعر الحزن "الموت المفاجئ" وهو ما أصابني بالصدمة والذهول من هول الفاجعة حينما تلقيت خبر وفاة الصديق خالد العشري والذي أبلغني به الزميل إبراهيم كمال فنحن ثلاثتنا كنا معًا مساء يوم الأحد الماضي ننهي عمل الصفحات الرياضية حتي الساعة الواحدة فجر ليلة الاثنين.. والأمور كانت طبيعية تبادلنا الحوار كالعادة حول قضايا الحركة الرياضية.. وأذكر من بين هذه المناقشات أن الراحل خالد العشري أكد ثقته في أن وجود محمود الخطيب أسطورة الكرة المصرية علي رأس إدارة النادي الأهلي يمثل ضمانة كبيرة لتطور فريق كرة القدم بالقلعة الحمراء بحكم خبراته وموهبته الفذة في فنون الساحرة المستديرة.. لذلك ـ والكلام مازال علي لسان الراحل خالد العشري ـ فإنه يتوقع أن تشهد كرة القدم بالأهلي طفرات هائلة في السنوات القادمة.
عرفت الراحل خالد العشري عن قرب بالملاعب حيث كنا نلتقي في المباريات والأحداث الرياضية مع بداية عمله في "الكورة والملاعب" وتوطدت صداقتنا عندما انتقل إلي "المساء" ووجدت فيه نقاء السريرة ودماثة الخلق وبشاشة الوجه.. إنسان لا يعرف الضغينة أو يحمل حقدا أو كرها لأحد بل علي العكس حباه الله بقلب طيب وسعة صدر ورغبة جامحة في أن يكسب كل من حوله وشجاعة نادرة في الاعتذار عند الخطأ والتسامح والعفو من أجل الحفاظ علي أصدقائه وزملائه وتوطيد أواصر العلاقة والروابط بهم جميعا فكان عف اللسان راقيًا في تعاملاته.. مخلصا لا يغتاب ولا يسئ أو يتآمر علي زملائه لذلك كان بمثابة الأخ والصديق الذي يلجأ إليه الكثيرون خاصة من المحررين الذين يبدأون مشوارهم الصحفي لقدرته علي تقديم النصح والإرشاد إليهم ولذلك كانوا دائمًا يلجأون إليه للاستفادة من توجيهاته وخبراته.
هذا هو خالد العشري الإنسان بكل ما تعني الكلمة من معني.. أما علي المستوي المهني والنقد الرياضي فهو بصنف ضمن أبرز نقاد جيله علي الإطلاق ويعد أحد فرسانه المميزين فقد كانت لديه "الدفعة الصحفية" يتمتع بقدرة ومهارة عالية علي التحليل والنقد بموضوعية وبصراحة شديدة دفاعا عن الحق فقط فهو بطبيعته كان قريبا من الله دائما ملتزما بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف. بالإضافة إلي ما حباه به الله من موهبة صحفية وأسلوب رشيق. ولذلك كان مشواره في بلاط صاحبة الجلالة ناجحا بامتياز عبر مقالاته المؤثرة وتحليلاته الكروية وانفراداته وحواراته الصحفية فأصبح واحدًا من كبار النقد الرياضي في مصر.
وأدعو الله أن يلهم أهله.. ويلهمنا نحن زملاؤه في "المساء" ويلهمني أنا شخصيًا الصبر والسلوان لفراقه المفاجئ.. خاصة وأن الموت المفاجئ خطف منذ قرابة ثلاثة شهور شقيقي عميد شرطة متقاعد محمد رضا والذي فقدته في لحظة غير متوقعة بسبب أزمة قلبية مفاجئة أيضا ودون سابق إنذار وهي إرادة الله مثلما فقدت الصديق والزميل العزيز خالد العشري رحمه الله وشقيقي وموتانا رحمة واسعة وغفر لهما وأسكنهما فسيح جناته فإنه سبحانه تعالي عز وجل غفور رحيم كريم حليم فاللهم اجعلهما في دار خير من الدنيا وارزقهما بأهل خير من أهلهما.. وألحقنا بهم علي الإيمان.. واجعل مثواهما الجنة يا رب العالمين.. جنة الأبرار واجعلهما في عليين مع الصديقين.. برحمتك انك لا تخلف الميعاد.. "إنا لله.. وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف