فهمى السيد
ناصر ..النهوض الاقليمي ومعارضوه
الموقف الإقليمي لناصر بدأ يتأرجح عندما أطاح الضباط اليمنيون بقيادة عبد الله السلال بالإمام بدر في شمال اليمن ، وبدأ البدر وأنصاره من القبائل يتلقون المزيد من الدعم من السعودية لمساعدتهم ، بينما قبل ناصر في وقت لاحق -بناء على طلب من السلال- مساعدتهم عسكريا ، ونتيجة لذلك، أصبحت مصر متورطة على نحو متزايد في الحرب الأهلية المطولة في اليمن حتى سحبت قواتها، واعترف ناصر في وقت لاحق -في سنة 1968- أن التدخل في اليمن كان "سوء تقدير".
في 1962، استقلت الجزائر عن فرنسا. وكمؤيد سياسي ومالي قوي لحركة الاستقلال الجزائرية، اعتبر ناصر استقلال البلاد نصرا شخصيا له، ووسط هذه التطورات، لجأت العصبة المؤيدة لناصر في العائلة المالكة السعودية بقيادة الأمير طلال إلى مصر، جنبا إلى جنب مع كبير الموظفين الأردنيين، في أوائل 1963.
في 1963، أطاح انقلاب عسكري في العراق بقيادة تحالف بعثي-ناصري بقاسم. واختير عبد السلام عارف رئيسا وأطاح تحالف مماثل بالحكومة السورية وأرسلت الحكومتان الجديدتان الوفود لناصر من أجل عمل اتحاد عربي جديد وخلال الاجتماع، انتقد ناصر البعثيين "لتسهيلهم" خروج سوريا من الجمهورية العربية المتحدة، وكان من المقرر إنشاء الاتحاد الجديد في مايو 1965. وتم صرف النظر عنه عندما تخلى البعثيون في سوريا عن أنصار عبد الناصر من الضباط. ".
في يناير 1964، دعا ناصر لعقد قمة الجامعة العربية في القاهرة، لعمل استجابة عربية موحدة ضد خطط إسرائيل لاستخدام مياه نهر الأردن لأغراض اقتصادية، والتي اعتبرتها سوريا والأردن عملا من أعمال الحرب. ألقى ناصر باللوم على الانقسامات العربية، ووصف الوضع بأنه "كارثي".
وخلال القمة، بدأ ناصر علاقات ودية مع الملك حسين، وأصلح العلاقات مع حكام المملكة العربية السعودية وسوريا والمغرب. وفي مايو، بدأ ناصر يشارك رسميا بدوره القيادي في قضية فلسطين، قبل الشروع في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وكان رئيسها ومرشح عبد الناصر أحمد الشقيري.
بعد سنوات من التنسيق في السياسة الخارجية وتطوير العلاقات، قام ناصر، والرئيس الإندونيسي سوكارنو، الرئيس اليوغسلافي تيتو، والرئيس الهندي نهرو بتأسيس حركة عدم الانحياز (NAM) في سنة 1961. وكان هدفها المعلن هو ترسيخ عدم الانحياز وتعزيز السلام العالمي في ظل الحرب الباردة. ، وزيادة التعاون الاقتصادي فيما بين البلدان النامية وفي 1964، أصبح ناصر رئيسا لحركة عدم الانحياز.
أما معارضوه فقالوا إنه كان على خلاف مع جهات كثيرة، منها جماعة الإخوان المسلمين والرئيس نجيب الذي ذكرأن عبد الناصر تساهل في توقيع اتفاقية الجلاء مع الإنكليز وأعطى لهم امتيازات عسكرية واقتصادية مقابل الحصول على دعم بريطاني وأمريكي ، وكرر حسن التهامي الاتهامات لعبد الناصر بالسماح للاستخبارات الأمريكية بالتدخل في شؤون مصر عن طريق مايلز كوبلاند .
وذكر سياسيون بأنه تسبب في فشل مشاريع الوحدة العربية ولم يستغل الفرصة السانحة لإقامة الوحدة. ووصل القوميون إلى الحكم في ستة أقطار عربية، ومع ذلك فشلت كل محاولات الوحدة بين هذه الأقطار،ويقول حسن التهامي في مذكراته أن عبد الناصر أفشل مشروع الوحدة الرباعية بين مصر وسورية والأردن والسعودية سنة 1954 بسبب تدخله في شئون الأردن وإملاء سياسته على حكومتها.
يعتبر منتقدو ناصر من المصريين أنه ديكتاتور، أحبط التقدم الديمقراطي، وتسبب في سجن آلاف من المعارضين، وقاد الإدارة القمعية المسؤولة عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان،أماالإسلاميون في مصر، فيتهمون نظام ناصر السياسي بالقمعية، ويصفونه بـ"المستبد والشيطاني".
وصف الكاتب الليبرالي توفيق الحكيم ناصر بأنه "سلطان الخلط" الذي يتقن فن الخطابة، ولكن ليس لديه خطة فعلية لتحقيق أهدافه المعلنة، كان التعذيب الذي أدخله عبد الناصر إلى سوريا أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت إلى انفصال سوريا .
يقول السياسي المصري علاء الدين الدسوقي أن أكبر أوجه القصور في ثورة 1952 هي تركيز عبد الناصر على السلطة، وعدم وجود الديمقراطية في مصر في عهد ناصر، وقيود حكومته على حرية التعبير والمشاركة السياسية.
يرى الأمريكي مارك كوبر أن تركة عبد الناصر كانت "عدم الاستقرار"، نظرا لاعتماد عبد الناصر على السلطة الشخصية وعدم وجود مؤسسات سياسية قوية وكتب المؤرخ عبد العظيم رمضان أن ناصر كان زعيما غير عقلاني يميل إلى الانفرادية محمله المسئولية عن هزيمة 1967.
واكد معارضوه انه قمع الصحافة وجعلها بوقا لسياساته وأقال وحبس الصحفيين الذين انتقدوه أو خالفوا سياساته حتى المقربين مثل مصطفى أمين وفكري أباظة وأحمد أبو الفتح (مؤسس جريدة المصري). وفي سنة 1954، الغي وزير الإرشاد تراخيص 42 صحيفة ومجلة متنوعة.
من نقاط ضعف ناصر كانت إطلاق يد المشير عبد الحكيم عامر، الذي يتهمه كثيرون بعدم المسئولية والاستعلاء،وكان عامر مسئولا عن هزيمة 1967 وعن فشل الوحدة مع سورية وعن فشل مشاريع الوحدة مع العراق واليمن جنبا إلى جنب مع أنور السادات.