صالح ابراهيم
المدمج.. أم المفتوح.. من يفتح أبواب النجاح
* منذ قرر الاحتلال الإنجليزي إجهاض حلم التقدم الذي اتفق عليه المصريون جميعاً.. لاستعادة حضارتهم ومكانتهم وتراثهم الثقافي المضيئ.. استخدم المحتل الإنجليزي الجنرال دانلوب مستشاراً ومسيطراً علي مقدرات التعليم في أرض الكنانة.. كان الرجل ينفذ بذكاء مسلسل تجديد الصناعة والمهنية.. بالتركيز علي الرقعة الزراعية.. وتحويل المحروسة إلي عزبة تمد لانكشير البريطانية بالقطن طويل التيلة.. ومع العراقيل والأسلاك الشائكة التي تفنن فيها الاحتلال وعملائه لإغلاق باب التعليم العالي تماماً.. اقتصرت العملية التعليمية علي المرحلة الابتدائية.. تمدها قاعدة من الكتاتيب بالتلاميذ.. الذين يتخرجون تحت أي سن.. حاملين في أيديهم الشهادة الابتدائية.. وتقام الليالي والأفراح احتفالاً بهذا الانجاز الذي شمل في سنوات عديدة.. راسبي الابتدائية ايضا.. واعتبر الجميع الاحتياطي الاستراتيجي للموظف الصغير الذي يعمل تحت إشراف أبناء الباشاوات والاقطاعيين والأكابر.. وفوقهم الأشراف السوبر للانجليز.. ومن يتكلم اللغة الانجليزية.
** الخطة البريطانية وقيودها.. كانت هدفاً لكفاح أحفاد الحضارة.. ومبعوثي الاستعمار.. حققوا الانتصارات.. وعاشوا الاخفاقات حتي تغيرت الخريطة بقيام ثورة يوليو المجيدة وأهدافها الستة.. نجح المصريون في إسقاط دانلوب.. ولكن ليس كل سياسته قاومت الجامعة المصرية العواصف والأعاصير.. لتتبني الأرض الطيبة المدارس والمعاهد العليا ومنها المخصص لإعداد المعلم ذاته.. وقويت الثانوية.. كمرحلة وسيطة.. تصعد بالخريجين إلي التعليم الجامعي.. وتسمح للبعض بالعمل في الوظيفة الحكومية في درجة أعلي حتي الابتدائية بالطبع "التي طالها التطوير إلي الإعدادية" وأن ظلت الدرجات العالية محجوزة للجامعيين.. حتي عندما اعتمدت الدولة المجانية الكاملة للتعليم.. والتزمت بتوظيفهم علي الدرجة العالية في كل المواقع.
** أصبح حلم المدير العام.. ووكيل الوزارة.. والمستشار.. يداعب كل الشباب وليس العاملين في الحكومة فقط.. بل امتد الأمر إلي الباحثين عن الوجاهة والشهادة العالية في القطاع الخاص وبين الأعيان.. والتحقت أعداد غفيرة بالمدارس الليلية.. أملاً للحصول علي التوجيهية والثانوية العامة للحاق بزملائهم خريجي المدارس الثانوية بالجامعات والمعاهد من خلال اختبارات واسعة.. حسب مجاميعهم وتوزيع عنق الزجاجة التنسيق.. وترجم الكثيرون الحلم.. بالمؤهل خلال الخدمة.. وهو ما صقله الخبراء في التعليم المفتوح الذي بدأ بالجامعات الكبري.. في تخصصات تراوحت بين التجارة والحقوق والإعلام.. وخاطب فئات متعددة من الشباب والكبار جمع بينهم حلم الوجاهة والمؤهل الأعلي للارتفاع في سلم الموظفين وبالفعل أسفر التعليم المفتوح عن ظاهرة متكاملة.. أعطت الكثير من الدعم المادي لإدارات الجامعات للنهوض بالمباني وقاعات المدارس والمعامل.. والحوافز لأعضاء هيئات التدريس التي وصفها البعض بأنها تقترب مما يحصل عليه الموجودون في إعارات للخليج.. وبعد أن ترددت الأنباء عن إلغاء التعليم المفتوح وأوشكت قوافل الطلاب التي تعمر المباني الجامعية أمام الجميع والإجازات والانتعاش غير المسبوق لمكتبات الملازم والملخصات.. طلعت علينا وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلي للجامعات.. بما يسمي التعليم الإلكتروني المدمج.. الذي اختصر الدراسة إلي عاماً أو عامين.. يحصل بعدها الطالب علي شهادة الدبلوم المهني.. بعد أن كان المجال مفتوحاً له.. بما يشبه الجامعات الأوروبية والأمريكية.. لاستئناف الدراسة في الوقت الذي يريده.. وحتي الحصول علي البكالوريوس.
** أكد وزير التعليم العالي.. علي الشطر الثاني للنظام بالدراسة 4 سنين للحصول علي البكالوريوس المدمج.. ولكن كلا الشهادتين غير مكافئ لنظيره الأكاديمي.. من برنامج التعليم النظامي أو الانتسابي أو الساعات المعتمدة.. أو حتي التعليم المفتوح.. ومع تحديد موعد لقبول الطلبات ستتم العملية هذا العام بناء علي ما تقره الجامعات.. سواء امتحان قبول أو دارية لمواد مؤهلة وفقاً لطبيعة كل برنامج والمؤهل الدراسي المقدم مع الأوراق.. وبالطبع سيخضع النظام للتقييم الشامل بعد نهاية العام.. وبالطبع فإن أنصار التعليم المفتوح يرون في المدمج.. إغلاق لمنافذ أفادت مئات الآلاف من الطلاب.. وأن تزايد الراغبين يستدعي التقييم والتعديل وعلاج السلبيات ويقترحون منح حرية الجهات والمؤسسات في قبول هذه الشهادات.. باختبارات أخري تؤكد جدارة وأهمية ما تعتمده.. ويرد عليهم أنصار التعليم المدمج بأن نافذة الأمل مفتوحة بعد دراسة الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية وهما التخصصان اللذان يلجأ للتسلح بهما.. خريجي الانتظام بالجامعات.. ومن المؤكد أن تسويق التعليم المدمج.. من أساسيات المشكلة.. وليس فقط رفع رسوم الدراسة والالتحاق.. ولا نعتقد أن دليلاً بالنظام الإلكتروني يصدره المجلس الأعلي للجامعات كافياً.. لأن الأمر يتعلق بطموح لفئات متعددة.. تريد تعويض ما فاتها من تعليم أكاديمي بعد الثانوية ومعادلاتها.. حتي لو حققت بجهودها مكانة متميزة في الحياة العملية.