في يوم 23 من يونيو 2014 أصدر رئيس مجلس الوزراء السيد المهندس ابراهيم محلب قرارا برقم 1063 لسنة 2014 وموقعاً منه ومن السيد رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء المستشار السيد محمد السيد الطحان وأرسلت صورة منه إلي السيد النائب العام. مادته الأولي تتضمن إلزام جميع المنشآت الطبية. الجامعية والخاصة والاستثمارية. المرخص بإنشائها والمستشفيات التابعة لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال بتقديم خدمات العلاج لحالات الطوارئ والحوادث بالمجان ولمدة 48 ساعة علي أن يخير المريض أو ذووه بعدها في البقاء في المستشفي علي نفقته الخاصة بالأجور المحددة المعلن عنها أو النقل الآمن لأقرب مستشفي حكومي علي أن تتحمل الدولة تكاليف العلاج من موازنة العلاج علي نفقة الدولة. أما المادة الثانية فتتضمن نشر هذا القرار بالجريدة الرسمية وعلي الجهات المختصة تنفيذه.
ولما كان المهندس ابراهيم محلب هو صاحب أعلي مكانة في السلطة التنفيذية فله من النفوذ والحيثية ما يوجب علي كل مؤسسات الدولة التي يرأس مجلس وزرائها أن تحترم ما يصدره من قرارات وما يتخذه من إجراءات وأن تنفذ محتواه دون تباطؤ. خاصة انه من الطبيعي ان قرارا كهذا الذي صدر ونشر في الجريدة الرسمية منذ نحو العام قد تم إبلاغه إلي كل الهيئات المعنية بتنفيذه وبالذات إلي وزارة الصحة التي يفترض ألا يصدر مثل هذا القرار الذي يعنيها في المقام الأول دون أخذ مشورتها والاستماع إلي رأيها.
لكن للأسف الشديد فالكلام شيء والواقع شيء آخر. فلقد تعرضت لتجربة صعبة أوجبت نقل شريكة حياتي بصورة طارئة إلي مركز طبي للعلاج من أزمة حادثة وخطرة وبالطبع كان الهم الأساسي هو إنقاذها بأي تكلفة وهي باهظة للغاية وتفوق قدرة الملايين من المصريين علي تحمل أعبائها وقد فكرت في أن أحاول استكشاف مدي احترام الدولة لقرار صادر عن رئيس وزرائها هو هذا القرار السابق الاشارة إليه وتعاونت إدارة المستشفي ومنحتني خطابا موجها إلي المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة طالبة اعتماده حتي يمكن تنفيذ قرار رئيس الوزراء والقاضي برد قيمة تكلفة يومي الطوارئ إليّ. لكن السيد مدير عام الإدارة العامة للمجالس الطبية رفض بحسم تنفيذه وسجل السبب علي حواشي الطلب: "غير مدرج"!
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما معني صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء ثم بعد عام من إصداره ونشره في الجريدة الرسمية. "الوقائع المصرية" لا يتم إدراجه في متون وزارة الصحة المصرية التي لم تعترف به ولم تنفذه حتي الآن رغم ان وزيرها علي ما اعتقد عضو في مجلس الوزراء الذي يرأسه المهندس ابراهيم محلب؟!
ألا يثير هذا الأمر تساؤلات منطقية من نوع: هل كان هذا القرار مجرد فرقعة إعلامية الغرض منها اكتساب شعبية لدي المواطنين دون أن تتوافر النية أو القدرة علي تنفيذه أم ان وزارة الصحة هي وزارة في دولة أخري ولا تتبع الوزارة التي يرأسها المهندس محلب ولا سلطان له عليها أو علي وزيرها ومجالسه الطبية المتخصصة؟!
والمشكلة ان مثل هذه التصرفات التي لا تليق تخصم الكثير من رصيد لا رئيس الوزراء وحسب وإنما من رصيد النظام كله بل ومن رصيد الرئيس السيسي نفسه. فالحكم حين لا يضفي المصداقية علي قراراته وعلي ما يصدره من إجراءات تتآكل ثقة الناس فيه ويخسر يقين المواطنين الذي هو ركيزته الأساسية في مواجهة التحديات المحيطة وحين يحتاج الأمر لاستدعائهم مجدداً سيكون من المشكوك فيه أن يلبوا الدعوة. فالأمر أخذ وعطاء وإذ وقر في ضمير الشعب ان الحكم لا يفي بوعوده التي قطعها علي نفسه سيكون النظام في وضع بالغ الحرج. لا نتمني له أبداً أن يكون فيه!
والأمر ليس مشكلة شخصية بالمرة وعلي السيد رئيس الوزراء أن يعلمنا بوضوح: هل هذا القرار كان "حبرا علي ورق" لمجرد الاستهلاك المحلي؟! فإذا كان الجواب بنعم. فشكرا يا سيدي و"كتر خيركم"!
أما إذا كان الجواب ب "لا" وانه قرار حقيقي لكي ينفذ.. فعليه أن يتخذ إجراء رادعا في مواجهة تصرف المجالس الطبية المتخصصة التي تحدت قراره وأشرت علي الطلب بأنه غير مدرج!
******
حين علم البعض بنيتي في الكتابة حول هذا الموضوع قالوا لي: "لا تتعب نفسك. ما فيش فايدة!" لكني أصررت علي أن أكتب للدفاع عن الدولة ومصداقيتها!
******
سيدي رئيس الوزراء : هيبة الدولة أمر خطير وبدونها لا تستقيم الأمور وهذا التصرف علي بساطته يهز هذه الهيبة ويقوض أركانها!