جمالات يونس
المحليات.. تغرد خارج السرب
لا يمر خطاب للرئيس السيسي إلا ويتحدث فيه عن اهتمامه بالشباب ومستقبله وأهمية إتاحة الفرص لهم لبدء حياة عملية فهو يضعهم علي رأس أولوياته ويكفي انه خصص 200 مليار جنيه من أجل مشروعاتهم الصغيرة بفائدة لا تتجاوز 5% ومن أجلهم فتح أرقي أكاديميات التدريب لإعدادهم للقيادة مستقبلاً فضلاً عن المشروعات القومية التي تفتح لهم أبوابها للرزق والتعلم.. رغم كل تلك التوجهات التي تعكس اهتمام الدولة بالشباب تأتي المحليات وكأنها تعمل عكس الاتجاه في جزيرة منعزلة تغرد خارج السرب.
داخل مجلس النواب يناقش الآن مشروع قانون لزيادة رسوم تراخيص عربات الفول والكشري وباقي المأكولات التي تقدم في الشوارع لما يقرب من 20 ألف جنيه سنوياً.. المشروع في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب فهو يمني المواطنين برقابة صحية وشارع منظم وسيطرة علي الاقتصاد غير الرسمي وادخاله في المنظومة وكل ذلك لا غبار عليه.. وهو من أهم الأدوار التي يجب أن تقوم بها الأحياء بشرط أن يكون الهدف الصالح العام خاصة ان أعدادا كبيرة من الشباب تركوا الوظيفة الميري وبدأوا مشروعهم الخاص واستطاعوا تحقيق مستوي جيد من الأرباح جعلها تطمح لتطوير تلك المشاريع وتتوسع فيها كما هو الحال في تجربة "شارع مصر" وبعض الأحياء الراقية حيث تقف العربات التي تبيع أنواع ابتكرها الشباب من الحلوي والأطعمة ويقبل عليها المصريون.
مع الأخذ في الاعتبار ان معظم هؤلاء الشباب اعتمد علي نفسه أو أهله في مشروعه ولم يحصل علي قروض من البنوك فالمسألة ليست سهلة كما يظن البعض.. فالحصول علي قرض مازال رحلة عذاب يعرفها من خاض التجربة رغم كل ما دعا إليه الرئيس من تسهيلات أي ان هؤلاء الشباب لم يكلفوا الدولة شيئاً فقد تركوا تراب الميري واختاروا الطريق الصعب.. بمعني آخر لم تدفع الدولة شيئاً لتوفير فرص عمل لهم ويكفي أن نعرف ان فرصة العمل لواحدة تتكلف 100 ألف جنيه ومع ذلك لا تريد المحليات أن تتركهم في حالهم.. عيونها علي قروشهم القليلة تريد منها نصيباً!!!
هذا عن الشباب أما باقي خلق الله من أصحاب عربات الفول والكشري والبطاطا وغيرها يحتاجون أن نمد لهم يد المساعدة.. نوفر لهم التراخيص وأماكن الوقوف والقروض الميسرة إذا استلزم الأمر ولا نفرض عليهم مزيداً من الاتاوات في صورة رسوم لتزداد المحليات غني ويزدادوا هم فقراً.
هؤلاء الذين يسعون علي رزقهم ويحصلون عليه بمشقة علينا ألا نزيد من معاناتهم.. نواب الشعب عليهم أن يضعوا قلوبهم علي بعض أبنائه الشرفاء الغلابة ولا يفكرون في مثل هذا القانون "وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".