الأخبار
كرم جبر
الكويت والعراق.. مستقبل جديد
أهمية مؤتمر »إعمار العراق»‬ المنعقد الآن في الكويت، أن الدعوة يمكن أن تضمد الجراح الباقية من حرب الخليج، فالذين فرَّقتهم السياسة وأضرتهم الحرب، يجمعهم الاقتصاد والثروة والبيزنس، ويدشنون في المنطقة الساخنة بداية جديدة لمشروعات التعاون والصداقة، التي تلبي احتياجات الشعوب، وتفتح أبواباً للحياة الآمنة.
العراق متعطش للتنمية، ولاحظت عند زيارتي له منذ حوالي شهر، حجم التعب والمعاناة في كل شارع في العاصمة بغداد، سواء المباني القديمة، أو المحال التجارية الفقيرة، والشوارع بحالتها منذ مئات السنين، وعلي حد قول أحد العراقيين، فلم تبن طوبة واحدة منذ أيام صدام حسين، ولم تشهد البلاد سوي الهدم والتدمير.
غالبية الحضور في المؤتمر من البلدين يشعرون بالرضا، وتعكس تصريحاتهم تفاؤلاً وترحيباً، إلا بعض العبارات التي تثار هنا وهناك، مثل: لماذا نساعد الدولة التي كادت أن تقضي علينا، وهذا ما يقوله بعض الكويتيين، ولكن تأتي الردود سريعة، بأن هذه الفترة بآلامها وأوجاعها والدماء والقتل، ذهبت الآن في ذمة التاريخ، ولا يمكن للشعوب أن تحيا بموروثات الثأر، وإنما بالتطلع إلي المستقبل.
المؤتمر تشارك فيه جهات رفيعة المستوي، مثل الاتحاد الأوروبي والعراق والكويت والأمم المتحدة والبنك الدولي، بجانب عدد كبير من الدول المانحة.. وشاركت مصر بوفد رفيع المستوي برئاسة مساعد رئيس الجمهورية المهندس إبراهيم محلب، ووزير الكهرباء المهندس محمد شاكر ووزير الإسكان المهندس مصطفي مدبولي، وعدد كبير من رؤساء كبريات الشركات المصرية في مختلف المجالات، والمتوقع أن يكون للشركات المصرية دور كبير في إعادة الإعمار، بما تمتلكه من إمكانيات وخبرات، والعلاقات الطيبة مع العراق والكويت.
الكويت - العاصمة - مدينة ملونة وتشع أنواراً مبهرة أثناء الليل، وشوارعها مرسومة ونظيفة، ومبانيها أنيقة وفيها ناطحات سحاب تضارع نيويورك، وليست أقل جمالاً من برجي التجارة بعد إعادة بنائهما.. أما بغداد - العاصمة - فتشعر أنها مدينة جاءت من القرون الوسطي، وأنهكت تجاعيد الزمن والحروب ملامحها، ولكنها ممتدة الأطراف، وتزهو بنهري دجلة والفرات، وحتي تأتي الاستثمارات للعراق، يبحث المستثمرون عن ضمانات وإجراءات قانونية، وأهمها تأسيس محكمة لحسم نزاعات المستثمرين.
الجميع هنا لا يتحدث إلا عن الثروات التي ستفتح ذراعيها للعراق، وتحولت اللغة والكلمات إلي أجواء تشبه إلي حد كبير مؤتمر »‬دافوس»، وتواجدت الشركات العالمية الكبري التي اعتادت أن تحصل علي الجانب الأكبر من الكعكة، فلم يعد في منطقة الخليج الثرية تربة خصبة للاستثمار سوي العراق، وتئن خزائن البنوك المكتظة بحثاً عن مجالات جديدة تنطلق فيها، ووجد الجميع ضالته في العراق، وكان للكويت السبق في التقاط الإشارة والجلوس علي عجلة قيادة الإعمار.
الكنز المطلوب لتعمير العراق يدور حول رقم فلكي هو 100 مليار دولار، يتم ضخها في حوالي 900 مشروع في مختلف المجالات، والكل يريد أن يكون له نصيب حتي إيران عدو الأمس اللدود، وتركيا التي أصدر وفدها بياناً صحفياً يؤكد فيه أنه جاء من أجل أمن العراق واستقراره.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف