جمال زهران
زيارة للشام.. الإرهاب الدولى على الأرض السورية
تلك هى الزيارة الشعبية ذات المعنى والمغزى لدمشق، التى ضمت نوابًا سابقين فى مجلس الشعب، وقيادات حزبية ناصرية، وشخصيات عامة ذات حيثية فى المجتمع، للالتقاء مع قيادات سورية رسمية وحزبية وشعبية وزيارات ميدانية من أهمها الجامع الأموى وسوق الحميدية وقبر «جدنا» المناضل صلاح الدين الأيوبي، وحوارات فى الشارع مع مواطنين سوريين....الخ. ومهما وصفت، أو وصف زملائى حجم الترحاب، بشعور الفرحة على جميع المستويات الشعبية قبل الرسمية، والرسمية مع الشعبية، بأعضاء الوفد دون تمييز، لقلنا وبحسم إن مصر هى الغائب رسميًا والحاضر شعبيًا، وأن الجميع فى الشام يذكرون مصر بالخير، قيادة وشعبًا وجيشًا. يتحدثون بشوق بالغ لضرورة الحضور المصرى فى المشهد السوري، لتكون ظهيرًا حاميًا لأمن واستقرار الإقليم الشمالي، ودرعًا قادرة على دعم حاضر ومستقبل الشام، فضلاً عن أن الوجود المصرى فى المشهد يؤكد حتمية التعاون فى المواجهة الحاسمة مع هذا الإرهاب الدولى فى سوريا، وهى نفس المعركة التى تخوضها مصر وشعبها وجيشها فالمعركة واحدة، إرهاب هنا، وإرهاب هناك، وأن التنسيق فى المواجهة حتمية، لأن العدو والمحرك واضح إقليميًا ودوليًا. بل إن الغطاء والمرجعية هو هيمنة المشروع الصهيونى على المنطقة وبدعم قوى إقليمية بالمال والسلاح والإعلام، وهو ما صرح به جاسم بن حمد، رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق، فى آخر حديث له عبر قناة البى بى سى (B.B.C) خلال الأيام الماضية. حيث تم إنفاق (137) مليار دولار على تدمير سوريا!!
ومن المؤكد أنه تم صرف مبالغ مشابهة، لتدمير مصر ونشر الإرهاب، ولكنها محاولات باءت بالفشل فى مصر، وكادت تطيح بسوريا. والمؤكد أنهم لو نجحوا فى تدمير سوريا وتفكيكها لاقدر الله، فإن المؤكد أن مصر كانت الخطوة التالية، ليعلن الانتصار النهائى للمشروع الأمريكى الصهيوني، لتسود حقبة الهيمنة الإسرائيلية ربما لربع قرن مقبل، لمن يقرأون المستقبل. لكن الذى حدث أن أكثر من (100) دولة كان لها إرهابيون مدربون، ومدعومون بالمال والسلاح، تحارب على الأرض السورية، وكاد يحاصر الجيش الوطنى فى العاصمة دمشق، لتسقط فى أيدى العملاء، تمهيدًا لبسط الهيمنة الكاملة على مقدرات المنطقة. لكن الصمود البطولى فى سوريا، وبدعم قوى إقليمية مباشرة وبدعم دولى لروسيا الحليفة بالقوات والسلاح، كان له الفوز التاريخى على قوى الإرهاب الدولى الاستعمارى الصهيوني. واستطاع هذا الصمود أن يحقق الانتصارات تلو الأخري، ليدمر من سموهم بداعش ليس فى سوريا فحسب، وليس فى لبنان فحسب، بل أيضًا فى العراق، وهزمت إلى غير رجعة هذه القوى الإرهابية وسقط مشروعهم التفكيكى لسوريا والعراق ولبنان، كما تم دحر مشروع انفصال إقليم كردستان فى الشمال العراقي. وعادت الحدود الطبيعية بين سوريا والعراق، وتمت السيطرة على الإقليم الشمالى فى البلدين. إلا أن «الجيوب»، فى «الرقة» بسوريا ومحاولة تمكين قوات سوريا الديمقراطية بغطاء أمريكى لتستمر مسمارًا فى الأرض السورية، وكذلك فى الشمال الغربى حيث إقليم «إدلب»، ونشاهد حاليًا التدخل التركى برعاية أمريكية ضد أكراد «عفرين»، وسط رفض سورى رسمى بعد انتصارات الجيش فى سعيه للسيطرة على «أدلب» حتى الحدود الرسمية مع تركيا، لتستمر حالة عدم الاستقرار فى سوريا!!
لقد سمعنا فى الزيارة، الإصرار السورى على التلاحم والصمود وعلى استمرار تحرير جميع الأراضى السورية بالكامل، والانتقال لجدول أعمال إعادة التعمير التى بدأت فى حلب وبعض أقاليم سوريا التى تعرضت للدمار من إرهابيين المائة دولة وأكثر، وأن الاحتفالات بالنصر لن توقف استمرار الصمود حتى تحرير كامل التراب السورى وإعادة البناء للدولة السورية وإقرار التسوية السياسية الكاملة. عدنا من هذه الزيارة كوفد شعبي، ونحن فخورون بجيشنا الأول فى سوريا وبطولاته وتلاحمه مع الشعب، فى مواجهة الإرهاب بالصمود، رغم الجراح والآلام والشهداء، لكن أن يظل الوطن مرفوع الهامة، عزيزًا قويًا دون انكسار، فذلك هو حصاد النضال، ويستحق مقابله كل التضحيات.