الأهرام
اشرف مفيد
كلام مفيد .. «الرغيف المسموم»!
بينما كنت أفكر فى الصراع بين الخير والشر تذكرت حكاية امرأة كانت تصنع الخبز لأسرتها كل يوم وكانت تصنع رغيفاً إضافيا تتركه على شرفة نافذة البيت ليأخذه أى عابر سبيل جائع.. وكانت تقوم بالدعاء لابنها الذى طال غيابه راجية من الله أن يعيده لها سالما، وبينما هى على هذا الحال كان رجل فقير يقترب من النافذة كل يوم ويأخذ الرغيف وبدلا من أن يدعو لأهل البيت كان يقول بصوت مسموع «الشر الذى تقدمه يبقى معك والخير الذى تقدمه يعود إليك!».

وظل الرجل العجوز على هذا الحال مردداً نفس الكلام فغضبت المرأة وقررت التخلص منه بأن قامت بإضافة بعض السمّ إلى الرغيف الذى صنعته له وقبل أن تضعه على النافذة ارتجفت وتملكها الخوف من الله فألقته فى النار وصنعت رغيفاً آخر وتركته فى الشرفة.

فأخذه كالعادة وذهب إلى حال سبيله وفى مساء نفس اليوم دق باب البيت وما إن فتحته وجدت ابنها واقفا أمامها شاحبا وملابسه شبه ممزقة وكان جائعاً فألقى بنفسه بين يدى والدته وهو يقول :وجودى هنا الآن شبه معجزة فقد كنت متعبا وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار فى الطريق وكدت أموت لولا ظهور رجل عجوز فقير طلبت منه أن يعطينى الرغيف الذى كان معه وكان طيبا فقد أعطانى الرغيف وهو يقول إن هذا هو طعامه كل يوم لكنه سيعطيه لى حتى أعيش.

بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام اتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذى صنعته فى الصباح والذى لو لم تتخلص منه لكان ابنها هو الذى أكله وفقد حياته، لحظتها أدركت المرأة معنى كلام الرجل الفقير العجوز «الشر الذى تقدمه يبقى معك، والخير الذى تقدمه يعود إليك!».

الحكاية ليست جديدة ولكن أرى أنها يمكن أن تكون دافعاً لأن نفعل الخير ولا نتوقف عن فعله حتى ولو لم يتم تقديره فى نفس الوقت.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف