قبل أن نحاول تكملة حديثنا عن الإعلام الذي ذكرنا بعضا من أسسه وقواعده وقيوده بمقالتنا السابقة .. أشير إلي حداثة ذاك التأسيس الأكاديمي بمصر.. ففي عام 1939 تم إنشاء ..¢معهد الصحافة العالي¢ .. الذي عرف فيما بعد بمعهد التحرير والترجمة والصحافة في كلية الأداب جامعة القاهرة.. ويرجع الفضل في تأسيس المعهد إلي¢الدكتور محمود عزمي والدكتور طه حسين¢.. وفي عام 1954 تحول المعهد إلي قسم بكلية الأداب وهو الذي تحول بدوره في عام 1974 إلي أول كلية مستقلة للإعلام في الشرق الأوسط بجامعة القاهرة .. وتضم الكلية ثلاثة أقسام علمية لدراسة الصحافة والنشر.. والإذاعة والتليفزيون.. والعلاقات العامة والإعلان.. كأقسام دراسة وتخصص علمي..
بالنظر التفكري القياسي لحداثة التأسيس العلمي السابق.. ووجوب الإرتكان التوظيفي إليه فقط.. نستنتج أن الإذاعي سمته الشخصية بعد التحصن بعلم تحقيق وتأكيد المعلومة ومحيطها الثقافي وإحاطتهما بالتخلق بمكارم الأخلاق.. ¢هي صوته¢.. نعم..فن صوته الرخيم الجلي المعبر تمثيليا لمعني ما يقول.. صوته المحكوم بقواعد اللغة وصورها الجمالية.. إلخ.. ياله من فنان تعبيري بصوته فقط.. ذاك هو الإعلامي المعلم الذي كاد يكون رسولا إذاعيا..
أما الإعلامي التليفزيوني.. المرئية صورته التأثيرية بمعالمها وتعبيرات وجهها وما ترسله من تصورات حركاتها التمثيلية.. فقد تعلم كيف يكون إذاعيا.. وكيف يتحكم في صورته المرئية بأن تكون قبل صوته.. ¢مثالا أدبيا أخلاقيا¢.. لا يشوبه أدني تزود جاذب لغير ذاك المثال في واقع رؤية المشاهد له.. وواقع سيرته الذاتية الحميدة التي تؤكد التمثل به كقدوة إجتماعية للأجيال..
نأتي لمن تعلم ودرس العلاقات العامة والإعلان.. والذي سمته المسموعة والمرئية والتعبيرية الحركية العامة يتحتم أن تكون.. ¢مجمع أدب علمي ثقافي أخلاقي¢.. يكمل ويجمل الإذاعة والإذاعي.. التليفزيون وإعلامه والإعلامي.. العلم والمعلومة والتعليم بسعته الثقافية والأخلاقية.. حتي تتكامل الرسالة الإعلامية وصورة وهيئة رسلها.. ماذا لو تكامل مع كل ما ذكرناه ذكر كل إداري متخصص وخادم لثلاثية أشكال الإعلام المقروء والمسموع والمرئي.. ماذا لو صار العلم وتدرسه هو علامة الإعلام ..هل ذلك من الأحلام.. ورومانسية الكلم والأقلام.. وقصص قبل النوم والأفلام.. أم هذا ما يجب أن يحق بحد السيف والحكم والأحكام.. والسؤال الهام.. ما الذي أهدر كرامة ذاك المقام.. وأحاله من حق رسالة إلي باطل مؤسسات هوي ومستهدفات إجرام..نعم.. مؤسسات يطارد أهل العلم فيها كثرة الأقزام.. إذن.. لنقف بالعلم أمام بعض من الواقع السياسي الذي يستحق منا الإهتمام.. الواقع المسبب لهدر التعليم والإعلام.. الواقع الجاذب من النور وإستبصاره إلي الظلام..
1- آيها القاريء العزيز..هل رأيت الموت يوما.. وحين نظرت في عيناه رأيت الآيات كلها في لحظة تساوي زمن الدنيا كله.. هل رأيت أن كل ما كنت تملكه هو ذاك الزمن.. ما الذي تمنيته وأوثقت نفسك بالعهد عليه.. والأن.. أين أنت من ما تعهدت به وأوثقت نفسك بعقاله .. هذا أول ما يتحتم علينا التوقف أمام ذكره إن شاء كل منا أن يبدأ الإصلاح بنفسه أولا.. وإستمسك بأن تكون سياسته التوظيفية بحق ورحمة وصبر.. قوامتهم علي علم وثقافة ومكارم أخلاق..
2- ولكننا لا نعيش فرادا.. ولا نحيا بجنة .. بل أزواجا بدنيا العداء البيني البعضي.. وقانون حب البقاء فيها هو سد الإحتياجات المادية والمعنوية.. دنيا زوجيتنا فيها شعوبا وقبائل.. وسد الإحتياج فيها بخيانة النسيان صراع.. والتقوة ببيت أهلها مكابدة ترجو كرامة الحياة والموت واللقاء.. من ذاك البيت بالإعلام وسياسته عند الناس محمودا وظله ثقيل عند راس المال والزملاء.. أما من كان من بيوت دنيا العداء .. فسياسة إعلامه خلط وغلط فتنة المدح والقدح والثناء والرثاء.. لا يرجو سوي رغد العيش ورضا أهل السلطان وسخائهم في العطاء.. هؤلاء من أحالوا علم الإعلام خامة غواء.. فلا تسأل بعد عن من أحال الكثير من الناس إلي خيال أسماء..
3- الطامة الكبري ذات الصداع.. أن صار واقع الشعوب والقبائل إستراتيجيات صراع.. لا ناقة لهم فيها ولا صاع.. لا يعلمون فيها من إشتري ومن باع.. ومن أين وكيف تثاقلت عليهم الأوجاع.. فيثوروا علي من فساد حكمه شاع.. مطالبين بمن يخشي الله راع.. وحين يأتيهم ويعمل جاهدا لإسترداد ما منهم ضاع.. ويسد رمق من جاع.. يظل الإعلام مرتعا لمن بالإفك داع .. بل ولكل إمعة جعجاع.. وتظل رؤوس الأموال دولة بين من كانوا بالأمس رعاع.. بل ويضيع حق من مهدوا السبيل للراعي الشجاع.. وهنا يصبح الغد مهددا بالضياع.. خاصة والطرقات بالداخل والخارج مليئة بأنفس حيات ودنس ضباع.. أنفس مليئة بخبث الأطماع..
وإلي لقاء إن شاء الله
ملاحظة هامة
سؤال يحتاج إلي إجابة .. هل سرعة زماننا في بلوغ إحتياجاتنا المادية.. جعلت أقدامنا تطأ أهم إحتياجاتنا المعنوية.. التي نبحث عنها اليوم فلا نجد حتي الوقت لبحثها..؟؟