جلال دويدار
الحسم والوعي والالتزام بالواجبات سبيلنا لوقف «نزيف الأسفلت»
من الطبيعي أن يسود الهلع والفزع علي واقع تكرار الحوادث المأساوية علي بعض الطرق المصرية خاصة طرق الصعيد التي تم تطوير بعضها وتحديثها. شيء مؤسف ومحزن ما تؤدي إليه هذه الحوادث من سقوط ضحايا وجرحي بالعشرات. هذا الذي يحدث وبهذه الصورة يحتم علي الدولة البحث عن الوسائل الفعالة لوقف هذا النزيف المتواصل من دماء المواطنين.
ثبت يقينا أن تطوير وتحديث القوانين المرورية وتشديد العقوبات لم تساهم في وقف أو الحد من هذه الحوادث. مناقشات وحوارات المؤتمرات والاجتماعات والندوات للمتخصصين إنتهت الي تحديد الأسباب التالية التي تؤدي الي استفحال هذه الظاهرة في مصر:
> سوء حالة بعض الطرق وعدم مراعاة القواعد الهندسية السليمة في إنشائها أو صيانتها أو اضاءتها.
> غياب الرقابة الدقيقة والمتواصلة من جانب أجهزة الشرطة المرورية لحركة السير علي الطرق بكل أنواعها.
> هذه الرقابة تفتقد توافر دوريات راكبي »الموتوسيكلات» والتي كانت تقوم بها من عدة عقود مضت »كونستبلات» الشرطة الراكبة.
> لا فائدة من هذه الرقابة إذا لم تكن مصحوبة بالمتابعة التي تغطي كامل الطرق نهارا وليلا.
> أهمية وضرورة التدقيق في منح رخص القيادة مع الحرص علي تواصل الاختبارات للتأكد من لياقة أصحابها وأن تكون الصلاحية لفترات متقاربة.
> الحسم في مواجهة التجاوز في السرعات وفي حمولات السيارات وعدم احترام قواعد المرور سواء بالنسبة للركاب أو البضائع داخل وخارج المدن.
> إلزام أصحاب السيارات -كل السيارات - بالكشف الدوري عليها مع عدم السماح باستخراج رخص تسييرها دون تقديم شهادة باجرائه من مراكز مهنية متخصصة ومؤهلة ومعتمدة.
> علي أجهزة الحكومة المعنية ومنظمات المجتمع المدني التي من وظائفها الحفاظ علي حقوق المواطنين المشاركة في حملات توعية واسعة.
> علي وسائل الاعلام المرئي والمقروء والمسموع المساهمة في هذه الحملات باعتبارها خدمة عامة تدخل ضمن القيام بمسئولياتها تجاه المجتمع.
> إلزام مصانع السيارات ومستورديها وموزعيها بتوفير متطلبات حملات التوعية من احتياجات وآداب القيادة الأمنة علي الطرق.
> يجب أن يكون مفهوما أن إلتزام المواطن لقواعد القيادة والسير في الدول المتقدمة.. يقوم علي الحزم والشفافية في تنفيذ قواعد المرور. وأن تشمل البرامج التعليمية بالمدارس كل ذلك.
عايشت هذا الالتزام خلال فترات تواجدي بالخارج سواء في دول عربية أو أوروبية أو في أمريكا. كانت تتملكني الدهشة علي سبيل المثال عند السير بالسيارة علي الطرق السريعة حيث لا يسمح باستمرارية استخدام الحارة اليسري السريعة سوي للعبور من سيارة أخري ثم العودة الي إحدي الحارات اليمني. في حالة استمرار قيادتي بالحارة اليسري دون هذا السبب كنت افاجأ بانشقاق الأرض عن شرطة المرور الراكبة التي توقفني لتحصيل غرامة باهظة أو التحويل الي محاكمة عاجلة اذا لم أدفعها. تكرار هذه المخالفات تحسب بالابناط التي تصل الي سحب رخصة القيادة والسيارة لفترات تحددها المحكمة.
نتيجة لهذا التعامل الشفاف الحاسم والسريع لمخالفات المرور استطاعت هذه الدول ان تحقق انتظام حركة المرور والتقليل من حوادثها بشكل كبير.
التوصل إلي هذه الغاية التي نساهم جميعا في الاخلال بمتطلباتها يقتضي تجاوب والتزام كل المواطنين كبيرا وصغيرا بواجباتهم ومسئولياتهم. إذا حدث هذا - ونرجو أن يحدث - سوف نتخلص ونحد من نزيف الأسفلت وبالتالي تتلاشي الدهشة مما يجري في شوارعنا وطرقنا.