هذه القصة شغلت الرأي العام في لبنان الشقيق وتناقلتها الصحف ووسائل الإعلام وشدت لغرابتها أهل السياسة والدين والقانون رغم الأجواء المشحونة بالتوتر السياسي التي تسيطر علي لبنان منذ عدة شهور مضت . ووصل الأمر أن انتقلت القضية إلي الصحف الأجنبية ووسائل التواصل علي شبكة الانترنت . وأصبحت علي رأس الموضوعات الأكثر جاذبية للقراء والمتابعين . وأنا الآن أنقل تفاصيلها من موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي .بي .سي" علي الشبكة العنكبوتية .
تقول القصة "الاخبارية" إن قاضية في شمال لبنان تدعي "جوسلين متي" قامت بالتحقيق مع ثلاثة شبان مسلمين متهمين في قضية ازدراء الدين المسيحي وذلك لأنهم أهانوا السيدة العذراء مريم عليها السلام . ويقضي القانون اللبناني بعقوبات متعددة علي كل من يثبت تطاوله علي الأديان . وتصل العقوبة إلي الحبس من 6 شهور إلي 3 سنوات علي من يزدري الشعائر الدينية أو رموزها . لكن القاضية لم تحكم بالعقوبة التي يفرضها القانون وإنما أمرت الشبان الثلاثة بحفظ آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن تكريم السيدة البتول ومكانتها في سورة آل عمران كشرط لإطلاق سراحهم .
والآيات المقصودة هنا ثلاثون آية . تبدأ من الآية 33 في سورة آل عمران التي يقول فيها الله عز وجل : "إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين" إلي الآية 63 التي يقول فيها جل شأنه "فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدي" . وتتناول الآيات قصة مولد السيدة مريم وأن الله قد تقبلها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا . وأن الملائكة حملوا لها البشري بأن الله قد اصطفاها وطهرها واصطفاها علي نساء العالمين لكي تحمل بالسيد المسيح الذي هو كلمة منه.
الغريب أن الرأي العام في لبنان استحسن الحكم واحتفي به رغم أنه ليس من القانون . وتناقلته وسائل الإعلام في الداخل والخارج . وانتقل إلي مواقع التواصل الاجتماعي التي احتفت بالقاضية عبر هاشتاج حمل اسمها "#جوسلين متي" ورأي كثيرون أنها سلكت طريقا جديدا أكثر فائدة للمجتمع ولتقويم الشبان من عقوبة الحبس . وتسابق السياسيون إلي الإشادة بوعيها وحسها الوطني .
كتب رئيس الوزراء سعد الحريري : "تحية للقاضية الرئيسة جوسلين متي علي حكمها في قضية السيدة مريم وإلزام الشبان الثلاثة بحفظ آيات سورة آل عمران . قمة في العدالة وتعليم المفاهيم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين".
وكتب منافسه رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي : "أحيي القاضية جوسلين متي علي القرار الذي أصدرته واستبدال عقوبة السجن لشبان أساءوا للسيدة العذراء بحفظ آيات تكرمها في القرآن الكريم . وهو مثال يحتذي في الأحكام القضائية الاصلاحية المبنية علي التسامح والتثقيف الديني الصحيح واحترام الآخرين .
ومن يقرأ ردود الأفعال يجد الأغلبية العظمي من المغردين يصفون حكم القاضية جوسلين بأنه قرار حضاري . إذ لمسوا فيه درسا لتعليم الشباب التسامح الديني وترسيخ الوئام والمحبة بين الطوائف . ودعوا كل القضاة إلي أن يحذوا حذوها .
إحدي المغردات واسمها نجلاء المعلم قالت إن جوسلين أنقذت البشرية من 3 دواعش تحت الطلب . وأنقذت الشبان الثلاثة من التطرف وحققت عدل الله .
مغرد آخر من ليبيا قال إن بلادنا تحتاج إلي هذه الروح لإصلاح الشباب المغرر بهم حتي يتعلموا الإسلام بعيدا عن الغلو والتطرف .