الأهرام
عائشة عبد الغفار
تأملات فى مستقبل إفريقيا الواعدة
آمال إقتصادية، انفجار سكاني، هجرة متدفقة وإنما يرى المراقبون ان مستقبل العالم مرتبط بالقارة الإفريقية.. فى عام 1991 كان رئيس السنغال عبده ضيوف يدافع عن الحفاظ على المساعدات المتعلقة بالقارة الافريقية وقال: «انكم مهددون بغزو إفريقى بسبب أعداد الافارقة المتدفقين نحو دول الشمال لن تنجحوا فى وقف هذه الموجة وإنما يجب ان يعلم سكان الشمال انهم يعيشون مع الجنوب فى قرية فضائية واحدة». وأضاف من مصلحتكم أن تسعوا إلى تنمية افريقيا, بعد ثلاثين عاما تبخرت توقعات عبده ضيوف وانخفضت المساعدة ومنذ ازمة المهاجرين عام 2015 فإن «سكان الشمال» متشنجون وخوفهم نابع من مواقف المسئولين السياسيين الشعبويين سواء تصريحات دونالد ترامب خلال زيارته «لهاييتي» عندما وصف الدول الإفريقية بانها «حثالة»، وموقف رئيس وزراء المجر الذى أحاط حدود بلاده بالاسلاك الشائكة لتنتشر العدوى فى أوروبا.. ان الانفجار السكانى المتوقع لافريقيا الذى سوف يصل الى 2،5 مليار نسمة عام 2050 و4 مليارات عام 2100 أى لثلث تعداد العالم فى حين ان اوروبا سوف تمثل اقل من 10% إلى جانب ظاهرة الهجرة التى سوف يترتب عليها ذلك يدفع السياسيين الاوروبيين الى انتهاج سياسات دفاعية. وان اوروبا تشكل قوات سواحل تدفع المهاجرين نحو ليبيا وهو إجراء لا يخرج بحل إلا انه يتسبب فى غرق زوارق المهاجرين. كما شاهدنا!

ويطلعنا «ستيفين سميث» خبير الشئون الافريقية فى كتابه «الانقضاض على اوروبا» عن دار «جراسية» إنه يتوقع موجة زحف افريقى عنيف نحو القارة العجوز سببه الهشاشة الاقتصادية لافريقيا وأرقام النمو وبزوغ الطبقة الوسطى التى لايتعدى دخلها أكثر من 2 إلى 20 دولار يوميا وفقا لمصادر البنك الافريقي.

وقد دخلت إفريقيا فى العولمة وصورتها لتغيير راديكاليا ولم تعد تمت بصلة بما قاله عنها عبده ضيوف.. فبعد عشرات السنوات من الحروب حتى أعوام التسعينات، انتقلت منذ عام 2000 إلى قارة واحدة مع ارتفاع اثمان المواد الأولية وبالذات البترول الذى ساهم فى تقدم اقتصادى هائل وحققت القارة نموا اقتصاديا وصل إلى 6% إلى الحد الذى أصبحت تحسدها اوروبا..لذلك تراهن مصر على تلك القارة من خلال انتمائها الافريقى والعربى وتبذل الدبلوماسية المصرية جهدا كبيرا لتعزيز علاقات التعاون مع جميع دول القارة على المستويات السياسى والاقتصادى والتجاري.

كما إن الرئيس السيسى يعمل جاهدا لتذليل المعوقات التى تعترض مسيرتنا الافريقية المشتركة ومصالحنا المتبادلة.. وسوف تشهد ولايته الثانية إن شاء الله انطلاقة قوية لتحقيق اهداف اجندة 2063 للاتحاد الافريقى وعلى راسها الحد من الفقر وتحسين الوضعين الاقتصادى والاجتماعى لدول القارة وتعظيم الاستفادة من الموارد الافريقية وحل مشكلة المياه.. بما يكفل لكافة شعوب حوض النيل الرفاهية والإستقرار والسلام. ولا يفوتنى ان احيى ذكرى الدكتور بطرس غالى الثانية والتى يتواكب معها اطلاق الدكتور مصطفى الفقى الطبعة العربية لكتاب «بطرس غالي» حكاية مصرية بقلم سفير فرنسا الاسبق بمصر آلين دى جاميه فى حفل كبير بمناسبة اهداء قرينته «ليا» مكتبته الخاصة للصرح الثقافى والتعليمى السكندري.. وتتواكب المناسبة أيضا مع تعاظم اهتمام الرئيس السيسى والدبلوماسية المصرية بقيادة وزير الخارجية سامح شكرى بافريقيا.. ليس غريبا ان اطلق الغرب على وزير الدولة للشئون الخارجية الاسبق وأمين عام الامم المتحدة المصرى الأوحد الذى احتل هذا المنصب الرفيع «أبو افريقيا» وأحيانا آخرى «بطرس الافريقي».. فهو بلاشك له الفضل فى تعزيز انفتاح مصر على افريقيا وبرهن فى أوقات عصيبة إصراره على إستقلال أفريقيا.

كما ترك لنا مرجعا مهما يجب ان نستعين بدروسه الاسترشادية بعنوان «من اجل سياسة مصرية للنيل» لمواجهة مشكلة المياه المعاصرة.. وتحية لكل تلاميذه من الدبلوماسيين والباحثين الذين وصلوا ويواصلون بحرفية شديدة مسيرة الإنتماء والمراهنة على افريقيا الواعدة.. القادمة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف