ايمن عبد الجواد
وزارة الثقافة والحرب علي الإرهاب بنتائج عكسية
السينما هي ذاكرة الشعوب .. من ينسي كوميديا الريحاني وإسماعيل ياسين .. تراجيديا فاتن حمامة وزكي رستم .. افيهات استيفان رستم وزينات صدقي .. هم وغيرهم رحلوا لكن أعمالهم بقيت لتضع أمام الأجيال المتعاقبة المعني الحقيقي للفن النظيف الهادف.
وفوق أنها "السينما" تجمع بين المتعة والابهار والتشويق فانها تمثل عنصراً اساسياً من عناصر القوة الناعمة لأي مجتمع فأنت تزور المدن الأمريكية وتتعرف وتتأثر بثقافات أبناء العم سام وغيرهم من شعوب العالم وأنت جالس في مكانك من خلال هوليود قبلة صناعة السينما في العالم.
هذا الدور المهم لعبته السينما المصرية في الماضي خلال مرحلة الأبيض والأسود وساهم بصورة كبيرة في انتشار لهجتنا العامية التي كانت "ومازالت" شائعة في مختلف البلدان العربية بفضل فنوننا من سينما ومسرح وطرب أصيل اضافة الي عناصر أخري لايتسع المجال لذكرها.
بكل بساطة تخلينا عن هذا الدور بسبب ضبابية الرؤية التي لم تستشعر أهمية تأثيرنا في محيطنا العربي وتركنا الأمر بلا ضابط أو رابط للقطاع الخاص الذي لا يبحث الا عن الربح أياً كانت النتائج فظهرت منذ سبعينيات القرن الماضي ما يعرف بـ "سينما المقاولات" التي سلمت بصورة لابأس بها في أفساد الذوق العام لأبنائنا فضلاً عن تقلص وتراجع قوتنا الناعمة.
وسط هذا الوضع لابد من إعادة الدور الهام لهذه القوي الناعمة والبحث عن إنتاج أعمال تسجل وترصد ما يجري علي الساحة المصرية الآن من بطولات لرجال الجيش والشرطة الذين يخوضون أنبل وأشرف المعارك للحفاظ علي الوطن في ظل تقاعس "أو تآمر" العالم ولو كانت أمريكا المعنية بالأمر لخرجت عشرات أو مئات الأعمال لتجسيد البطل الأمريكي المغوار الذي يقاتل وحده ويحرر مدناً علي طريقة الأفلام الهندية التي كنا نسخر منها ونحن صغار ولكن بخلطة واثارة هوليودية.
ما دعت الية لجنة الدراما المنبثقة من المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام برئاسة المخرج محمد فاضل حول أهمية تبني صناع الدراما بحسهم الوطني للدور التاريخي الذي يقوم به رجال الجيش والشرطة لاجتثاث الإرهاب من جذوره شيء جميل ومطلوب ولكنه يتعارض مع ميول صناع الأعمال الفنية "دراما وسينما ومسرح" ومعظمهم يبحث أولاً وأخيراً عن الربح عبر التوليفة التي أشرت اليها سالفاً.
الحل في تصوري أن تتبني الدولة ممثلة في وزارة الثقافة مثل هذه الأعمال الوطنية ضمن استراتيجية مواجهة الإرهاب ولو من خلال انتاج مشترك تكون الوزارة صاحبة اليد العليا فيه مع مراعاة أن تتضمن كل عناصر التشويق والاثارة البعيدة عن الابتذال ولا تكون بمعايير الأفلام التسجيلية حتي تحقق الهدف.
مصر بحاجة الي سينما علي قدر المرحلة تسجيل البطولات التي تتم علي أرض سيناء وغيرها من أراضي المحروسة لتظل في ذاكرة الوطن وتكون مرجعاً للأجيال القادمة يسمعون عن جنود يرفضون إنهاء خدمتهم "التي تنتهي في فبراير الجاري" الا بعد تطهير الوطن من دنس الإرهاب الأسود وغيرها من حكايات وبطولات تصلح لإنتاج أعمال لاتقل روعة أو اثارة عن أفلام هوليود.
أتمني أن تبادر وزارة الثقافة في عهد الوزيرة "الفنانة" د. إيناس عبدالدايم بتنفيذ هذا المشروع الوطني بإعتبار أن فيلماً واحداً سيكون تأثيرة أكبر من عشرات الندوات .. لأننا لو عهدنا بهذه المهمة للقطاع الخاص أخشي أن يخرجوا لنا بأعمال كوميدية أو علي طريقة "الجمهور عاوز كدة" بالتوليفة اياها بما لايليق بالأعمال الوطنية ويأتي بكل تأكيد