المساء
مؤمن الهباء
من قتل يقتل
أسدلت محكمة جنايات شمال القاهرة الاثنين الماضي الستار علي واحدة من أسوأ جرائم الإرهاب التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة . وأعلن رئيس المحكمة المستشار أحمد الدقن الحكم بالإعدام علي أحمد سعيد السنباطي "19 عاما" المتهم بقتل القمص سمعان شحاتة رزق الله "43 عاما" عمدا مع سبق الإصرار والترصد .
نعم .. كان مقتل القمص سمعان شحاتة كاهن كنيسة بمركز الفشن ببني سويف أحد أخطر وأسوأ جرائم الإرهاب التي فزعت لها مصر . إذ وقعت الجريمة علي خلفية دينية وطائفية . قتل عمد علي الهوية . لم يقتل الرجل لشيء إلا لكونه مسيحيا يرتدي الزي الكهنوتي الذي يعلن هويته . مما دفع المجرم إلي الاعتداء عليه وإزهاق روحه البريئة بدعوي أنه كافر علي غير الملة . وهذا أخطر مافي الموضوع . فجرائم القتل تقع كل يوم وما أكثر المجرمين والمهووسين . لكن أن يقع القتل علي الهوية فذلك هو المنحدر المخيف الذي نسأل الله تعالي أن يجنب بلادنا السقوط فيه . ولعله من هذه الزاوية تم تطبيق العدالة الناجزة في هذه القضية حتي يأخذ المجرم جزاءه ويكون عبرة لغيره . وتتنبه مؤسسات المجتمع المصري لهذا الخطر الداهم وتواجهه بالتوعية والتوجيه والقانون الرادع .
وكانت أخبار الجريمة قد فاجأتنا ظهر الخميس 12 أكتوبر الماضي حين قام المتهم بالاعتداء علي الكاهن أثناء تواجده أمام مخزن للحديد في منطقة المرج مستخدما السلاح الأبيض . فضربه علي رأسه وطعنه عدة مرات في بطنه ولم يتركه إلا بعد أن تأكد أنه صار جثة هامدة . ثم حاول الفرار إلا أن الأهالي استطاعوا الإمساك به وتسليمه لمعسكر الأمن المركزي القريب .
وفي تحقيقات النيابة لم ينكر المتهم جريمته . بل أكد أنه كان متربصا بالقمص . واختبأ له في المكان الذي اعتاد أن يأتيه لينفذ فيه جريمته مع سبق الإصرار والترصد . وأنه قتل المجني عليه لمجرد أنه كاهن ولأنه يريد التخلص من الكفرة ويطهر الأرض . وكشفت التحريات في ذلك الوقت أن هذا المجرم الجهول عاطل عن العمل وله سوابق عديدة في الإجرام . فقد اتهم قبل ذلك بالتعدي علي والده بالضرب وإشعال النار في منزله . كما أنه يتعاطي أقراص الترامادول ومخدر الحشيش . وأنه اعتاد التعدي علي جيرانه تحت تأثير المواد المخدرة . ويعاني من اضطرابات نفسية وسبق أن سرق شقيقته .
وعند نطق القاضي بالحكم عليه بالإعدام صاح من داخل القفص : "الله أكبر ولله الحمد . إنكم لا تعلمون وسوف تأتون إلي الله ساجدين وستركعون وستندمون" . قال ذلك بينما القاضي يتلو في حيثيات الحكم قول الله تعالي : "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" وقوله : "ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب".
الخلاصة أن الجهل الديني هو الذي يخلق مثل هذه الشخصية المشوهة التي تشكل خطورة هائلة علي الناس وعلي السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية . ولو أنه نال قسطا كافيا من التعليم والثقافة الدينية الصحيحة لأدرك أن الدين لايأمرنا بقتل الغير من إخواننا المسيحيين . ولا بقتل الكفرة والملحدين . ولا بقتل أي شخص لمجرد أنه مختلف معنا أو مختلف عنا في العقيدة أو اللون أو الجنس أو العرق . الدين لا يأمرنا إلا بقتال من يقاتلنا . قتال من أجل الدفاع عن النفس والمال والعرض والأرض فقط . وحتي في هذا القنال المشروع أمرنا الله أن نعاقب علي قدر الجريمة ولا نعتدي علي الآخرين لأنه تعالي لايحب المعتدين . وفي غير ذلك أمرنا بالبر والقسط والعدل مع الناس جميعا . ومن قتل يقتل .

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف