كان الأب في الماضي »المعلم» و»القدوة» و »محور الاسرة» متواجد دايما في كل شيء و مع كل موقف بل صاحب الرأي الاول والأخير حتي في شراء ملابس كل موسم.. حاضر ومتواجد في حالات مرض اي فرد من الاسرة ويذهب للطبيب مع الام او الأولاد ويداعب الأطفال و يذاكر مع التلاميذ من ابنائه .. تعلمت منه قراءة القرآن الكريم و عرفت منه أصول و قواعد الصلاة.. اما طبق »السلاطة» فقد كان من اختصاصه و يحضره يوميا عقب عودته من العمل .. صامت في معظم الأحيان و حازم جدا عند اللزوم .. الأب او رجل البيت علي حد قول امي كان له » هيبة » وصاحب الرأي القاطع الباتر .. ولا أنسي أبدا جلوسه بجانبي اثناء المرض حتي ولو كانت شوية إنفلونزا .. في يوم من الأيام قال لي : أنا اوفر من مصاريف علاجي حتي أتمكن من تعليمك في مدارس اجنبية !!
اما »اب» هذه الأيام فهو عبارة عن اسم يتداول في البيت .. غير موجود في معظم الأحيان ..دايما مشغول و خارج البيت ..بعضهم يعمل لفترتين و البعض الاخر هجر البيت من دوشة العيال و تحمل المسئولية ..و فئة منهم تفضل لقاء الأصدقاء في كافيه و نموذج آخر »شاري دماغه» وتارك الحمل كله علي الام و تفرغ للبحث عن الثراء و جمع المال بكافة الطرق الشرعية او غير الشرعية ! و اصبح البيت تقريبا بدون قدوة او قائد و العبء كله علي كاهل الام التي تعمل »بالريموت كنترول» بين عملها و شغل البيت و تربية الأبناء.. وفي معظم الأحيان لا تجد الوقت لرعاية و احتضان الأولاد… و بعد تهميش و تراجع دور الأب في الاسرة يظهر جيل جاف المشاعر و ليس لديه أي انتماء للبيت او الوطن .. جيل ممزق لا يعرف معني القدوة و القيادة .. جيل الجعجعة و النشطاء !ولكن دايما وابدا تحيا مصر.