المساء
مؤمن الهباء
الوزير يبيع الوهم!!
من سوء حظنا أن ابتلينا بمسئولين لديهم سيولة هائلة في إطلاق التصريحات واختراع المشروعات والتلاعب بالأرقام والبيانات دون أي اعتبار لمعايير الحقيقة والمصداقية.. ودون وجل من أية مساءلة شعبية.. ومن هؤلاء المسئولين وزير الإسكان الذي لو أحصيت وراءه عدد الوحدات التي بناها والمشروعات التي أنجزها لاكتشفت أن لدينا شققاً تكفي المصريين جميعاً.. وتكفي أيضاً اخواننا وجيراننا الليبيين والسودانيين.
وكنت قد توقفت مبكراً أمام الشطط الذي يظهر كثيراً في تصريحات وزير الإسكان.. وكتبت عن ذلك مقالاً في هذه الزاوية في 16 أبريل الماضي تحت عنوان "أكاد أشك".. ساعتها كنت فقط أشك في أن تصريحاته غير واقعية ومشروعاته وهمية وإنجازاته مبالغ فيها جداً.. لكن اليوم تحول الشك إلي يقين.. فاطمأننت علي نفسي أولاً بأن الحاسة السادسة لم تخذلني.. واطمأننت ثانياً علي صحة المنهج الديكارتي "أنا أشك إذن أنا أفكر.. أنا أفكر إذن أنا موجود".
في عدد السبت الماضي 13/6/2015 كتب الزميل جمال العليمي في "المساء الأسبوعي" خبراً لافتاً تحت عنوان "فضيحة في مشروع الإسكان الاجتماعي.. الوزارة سلمت 500 شقة فقط من 75 ألفاً خلال عام".
وفي التفاصيل ورد ما يلي: أكد مصدر مسئول بجهاز مشروع الإسكان الاجتماعي أن إجمالي عدد الوحدات السكنية التي تم تسليمها للمواطنين خلال عام 500 وحدة سكنية فقط من إجمالي 75 ألف وحدة سكنية تم الإعلان عنها في المدن الجديدة.
قال المصدر إن الوزارة أعلنت عن 13 ألف وحدة سكنية في 3 مدن جديدة هي العاشر من رمضان والسادات وأسيوط الجديدة.. ثم أعلنت عن طرح 24 ألف وحدة في 18 محافظة ثم عن طرح 15 ألف وحدة في 9 محافظات ثم الإعلان الأخير الذي تضمن 20 ألف وحدة في 15 محافظة في نوفمبر الماضي.. ورغم ذلك لم يتم تسليم إلا 500 وحدة حتي الآن.
هل رأيت الفارق بين ما أعلنته الوزارة "75 ألف شقة" وما تم تسليمه فعلاً "500 شقة".. هذا الفارق هو ذاته الفارق بين الخيال والواقع.. والمسافة بينهما هي نفسها المسافة بين الحقيقة والوهم.
لقد أعلن الوزير من قبل أن هناك اتجاهاً لتمكين كافة المواطنين من تملك قطعة أرض بناء أو وحدة سكنية من خلال مشروعات هيئة المجتمعات العمرانية.. وبعد أيام قلائل طرحت الوزارة فعلاً بعض مئات من قطع الأراضي المعدة للبناء في العديد من المحافظات والمناطق الجديدة بأسعار لم يسبق لها مثيل تتراوح من ألف إلي أربعة آلاف جنيه للمتر.. وكان الهدف ليس تيسير البناء وانما تحريمه وإشعال أراضي البناء في مصر كلها.
وكان غريباً أ ن تعلن الوزارة هذه الأسعار التي تعجز المواطن عن مجرد التفكير في تملك قطعة أرض للبناء بينما تتجه الحكومة إلي منح الأراضي "ببلاش" للمستثمرين من خلال قانون الاستثمار الجديد.
وقبل ذلك أعلن وزير الإسكان عن مشروع الإسكان المتوسط.. ثم فوجئنا بأن أسعار الشقق نار.. لا تصلح للشباب ولا تصلح لأصحاب الدخل المتوسط.. وكان الإقبال عليها ضعيفاً جداً مما تسبب في إحراج الوزير والوزارة وتم تمديد فترة الحجز إلي أسابيع أخري حتي يتمكن التجار والسماسرة من شراء كل الشقق المطروحة بعد أن اتضح أن الإسكان المتوسط هو في الحقيقة إسكان للباشوات.
المشكلة في اعتقادي أن وزير الإسكان يعمل بعقلية التاجر "الشاطر" الذي يبيع بأعلي سعر دون رؤية سياسية واضحة للدور الوطني الاجتماعي والاقتصادي الذي يجب أن تضطلع به وزارته.. لذلك سوف يخرج من الوزارة كما دخل دون أن تبلغ إنجازاته 1%.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف