الوفد
محمود غلاب
الحفاظ على المبلغ!
كنت عاوز أطلع ناشط سياسى بس أهلى رفضوا وطلبوا منى أكمل تعليمى، الله يرحمه جلال عامر كتب هذه العبارة فى أحد مقالاته عندما حاول التعبير بأسلوبه الرشيق عن الذين حاولوا الاشتغال بالسياسة من باب السبوبة، فى الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير، النشطاء السياسيون ملوا البلد، وكان كل ما تقابل شاب شعره طويل وبنطلونه وسخ تسأله عن عمله يقول لك: ناشط سياسى، وأصبحت هناك وظيفة افتراضية غير مدرجة فى قانون العاملين بالدولة اسمها ناشط سياسى، وصدق بعض النشطاء أنفسهم، وحاولوا كتابتها فى بطاقة الرقم القومى بخانة الوظيفة.

السياسة محتاجة نشاط، بس مش ناقصة ناشطين، أو نشطاء يتاجرون بها، تجار السياسة بضائعهم فاسدة، يركبون أى موجة معدية تقلهم الى شواطئ عواصم العملات الصعبة فى القيمة والسهلة فى طريقة اقتناصها، كم ناشط سياسى تخرج فى مدرسة النصب والاحتيال خلال السنوات السبع الماضية، وكم واحد كان حافى القدمين وأصبح يسير على جسر من ذهب ومرجان وياقوت ودولارات وفيلات، من أين لكم هذا، أكيد بابا بعت فلوس، مقابل أصواتكم الهدامة التى تطلقون عليها من باب قلة الأدب حرية الرأى.

الحرية مسئولية، وتنتهى الحرية عندما تمس حرية الآخرين، الدستور كفل حرية الفكر والرأى وحرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية التنقل والإقامة والهجرة، وحرية البحث العلمى وحرية الإبداع الفنى، ولكنه جعل الحفاظ على الأمن القومى واجبا، والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية، والدفاع عن الوطن، وحماية أرضه شرفا وواجبا مقدسا، هذا معناه أن الأمن القومى فوق الحرية وفوق أى حقوق، الأمن القومى خط أحمر، فعندما يسافر بعض الأشرار والموتورين والضلاليين الى الدوحة ثلاثة أو أربعة أيام على حساب صاحب المحل، ويقيم فى أحد الفنادق الفاخرة، لتجهيزه للعملية التى تجرى له فى قناة الحصيرة، وتتم استضافته وتأخذه نشوة الدولار، وهات سب فى مصر، وفى جيشها، ورئيسها ويؤلف القصص عن الأوضاع المتردية، و تكميم الأفواه، واعتقال المعارضين، ويزيد بعضهم فى كذبه وافترائه، ويقول كلاماً يمس أمن البلاد، ووحدتها الوطنية لأنه كلما كان قادراً على تنقية كلام من الذى يعجب الجماعة والأمير كان نصيبه أكبر، وعندما يأخذون منه فى القناة ما يحتاجونه يحصل على الظرف ويركب الطائرة ويعود الى مصر، يبحث عن طابور النشطاء السياسيين ليأخذ مكانه الذى يبحث من خلاله عن سفرية أخرى، أو تسجيل مع قناة موازية لقناة الحصيرة والحقيرة، ماذا ينتظر هذا الناشط من الدولة هل مطلوب أن نأخذه بالأحضان ونقول له أخ كريم وابن أخ كريم هل الوطنية ثمن يقدر بالدولار، هل حرية الرأى أن أحرض على أبناء بلدى الذين يرجون الشهادة فى حربهم الشريفة ضد الإرهاب، هل حرية الرأى أن أدعو الناس لمقاطعة انتخاب رئيس بلدى، هل «الحصيرة» تجرؤ على نقد أمير الإرهاب، ونقد سياسة بلد الحصيرة، هل عندما تتصدى الدولة للمتطاولين على الأمن القومى يدافع النشطاء البلهاء عنهم بإسم حرية الرأى، لا والله هذه حرية الهدم وحرية الحفاظ على المبلغ بعد استلام الظرف عقب خلع المايك من عروة الجاكيت، أهم من الحفاظ على المبدأ عند عديمى المبادئ لا حرية رأى للعملاء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف