المساء
مؤمن الهباء
الكويت.. وروح العروبة
ضربت الكويت مثلا للرقي الإنساني الحضاري. وقدمت للعالم نموذجا رائعا للقيم والأخلاق العربية والإسلامية النبيلة من خلال استضافتها مؤتمرا لمساعدة العراق الجار والشقيق علي إعادة إعمار ما دمرته الحروب أثناء الغزو الأمريكي والمواجهات العسكرية مع تنظيم داعش الإرهابي والصراعات الطائفية الداخلية. واستطاعت أن تجمع لهذه المهمة أكثر من 30 مليار دولار من الدول والمؤسسات الحكومية والشعبية المشاركة في هذا المؤتمر الموسع. وقدمت هي2 مليار دولار كما قدمت السعودية مليارا ونصف المليار وقطر مليارا بالإضافة إلي قروض ومعونات من أمريكا والاتحاد الأوروبي ووفود الدول التي شاركت في المؤتمر والتي تجاوز عددها 77 دولة.
سبحان مغير الأحوال. سبحان من يغير ولا يتغير. الكويت التي تعرضت لأسوأ اعتداء من العراق الجار والشقيق هي التي تجمع العالم كله عندها علي مدي 3 أيام لكي يساهم في إعادة ما دمرته الحروب الداخلية في العراق من باب الشهامة العربية. ومن باب الخلق الكريم "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". تجاوزت الكويت محنة الغزو العراقي عام 1990 عندما قامت قوات صدام حسين باجتياح أرضها فجرا وتدمير قصور حكامها وقتل وأسر نسائها ورجالها علي خلفية خلاف حول حقل نفط علي الحدود. وتسبب هذا الغزو الذي جاء علي غرة في تشريد أهل الكويت وتخريب بيوتهم . وأعلن الطاغية أنه لم يعد هناك دولة بهذا الاسم فقد أصبحت محافظة عراقية .
الآن الكويت هي التي تساعد العراق كما ساعدته أيام صدام وطوال حربه مع إيران التي استمرت 8 سنوات . علت فوق جراحها وصدمتها النفسية . وأعلن أميرها الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية أثناء الغزو الصدامي أمام المؤتمر أن تنمية العراق في صالح المنطقة كلها . وأن مساهمة الكويت تأتي انطلاقا من التزامها بدعم الأشقاء في العراق . واقتناعا بأن أمن واستقرار العراق يعد جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار الكويت والمنطقة. أن العراق لن يستطيع القيام بمهمة إعادة الإعمار وحده.
وكانت كلمة أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية في المؤتمر معبرة عن الامتنان للروح العربية الراقية للكويت حيث قال : " نحن أمام نموذج حقيقي لكيفية معالجة أزماتنا بأيدينا وبإرادتنا وبواقع المسئولية الجماعية عن استقرار الإقليم وازدهاره . وإنها روح العروبة كما ينبغي أن تكون وتسود . ولقد دار التاريخ دورة كاملة أمام أعيننا . وصار واضحا للجميع ألا ملجأ للعرب سوي إخوانهم العرب . فهم المأوي والملاذ . وهم السند وقت الشدة . وأتمني أن تمتد هذه الروح التضامنية الأخوية إلي كافة الدول العربية من الخليج إلي المحيط".
نعم.. هي روح العروبة كما ينبغي. وروح الأخوة بين الشعوب التي لايفسدها غير أطماع الحكام المستبدين الطغاة. الذين يثيرون الفتن والأحقاد بين الأشقاء ويزينون الباطل لشعوبهم. ويملأون الصدور بالضغائن والأكاذيب والشعارات الرنانة لتحقيق أغراضهم وأهدافهم الشخصية. وفي النهاية الشعب هو الذي يدفع الثمن من قوته ومقدراته وثروته واستقراره ووحدة أراضيه.
لقد كانت محنة العراق والكويت مريرة عليهما معا وعلي الأمة العربية بأسرها بسبب جهل وجشع الطاغية صدام حسين. لكن ها هي الكويت تطوي صفحة الماضي الأليم وتفتح أبوابها للمستقبل. لروح العروبة والأخوة والتعاون والتضامن في ساعة الشدة. لعل الجميع يتعظون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف