لست ناقدا سينمائيا ولا أدعي المعرفة في هذا المجال أو القدرة علي النقد والتحليل ؛ ولكنني في النهاية مجرد مشاهد مصري اجلس أمام الشاشات لأتلقي رسائل معينة في غلاف كوميدي أو تراجيدي يصيغه المتخصصون في هذا الفن المؤثر والذي نعتبره مع الإعلام إحدي أذرع الدولة لتشكيل الوعي المجتمعي.
ساقني الحظ لدخول فيلم طلق صناعي ولم أكن أبني عليه آمالا تذكر في أن يكون أحد الأفلام الفارقة في صناعة السينما ، بل كانت طموحاتي اكثر تواضعا وكنت راضيا وقانعا بفيلم لايت اقضي في مشاهدته وقتا هادئا بعيدا عن عواصف السياسة وأعاصير الاقتصاد ،
رغم أن الفيلم ماهو إلاخليط غير متجانس من عدة أفلام قديمة ناجحة مثل الارهاب والكباب وعسل أسود الا انني شعرت بضيق شديد من إصرار صانعي الفيلم علي الترويج لأفكار مسمومة وإرسال رسائل ضمنية ترسخ لفكرة استحالة الحياة في مصر وان الهروب من جحيم الوطن إلي جنة أمريكا هو منتهي الأمل الذي يحلم به عموم المصريين وكأن نيويورك لا يأكل فقراؤها من القمامة،وها هو المخرج الهمام وقد اكتفي بتشخيص حالة المصريين واختزلها فيمن يبيع دينه أورجولته أو حياته كلها لكي يحصل علي تأشيرة الخلود الأمريكي،
وفي الوقت الذي تفقد الشرطة المصرية رجالها في سيناء كان المخرج يقدم لنا صورة عبثية للأمن المصري وكأنه مجرد جهاز قمعي أرعن يقوده رجل مختل- رغم الأداء الرائع لسيد رجب - أما الممثل القدير الموهوب ماجد الكدواني فقد وضعه المؤلف في موقف شديد الحرج بهذا السياق الدرامي المهلهل ولم تسعفه موهبته في اقناعنا بقضيته السطحية وهي تضحيته بحياته مقابل حصول ابنائه علي الجنسية الأمريكية
ولم نجد أي مبرر مقنع لخروج جحافل المصريين في مظاهرات حاشدة لدعمه وتأييده في قضيته التافهة وبعد ان أهانهم بتخليه عن جنسيته وعدم منحها لأولاده وكأنها عار يستحق التخلص منه
ورغم ايفيهات مصطفي خاطر ومحاولات بيومي فؤاد لاستدرار الضحك من حناجرنا الا ان جملة الممثل السمج الذي قام بدور موظف السفارة الأمريكية قضت علي جميع محاولاتهم عندما قال... أنا أشم كذب المصريين من علي بعد كيلو !!!!!!!!!!!
كذلك لم تشفع للمؤلف محاولات الهجوم علي الصلف الأمريكي لأنها تيمة ممجوجة واستهلكتها السينما المصرية التي ابتليت بصناع لا يستحقون الا كل اللوم والتقريع علي مايرتكبوه في حقها من جرائم لا تغتفر،
مثلما اشعر بالعزة والفخر أمام بطولات الشباب المصري مدنيا وعسكريا،ينتابني أيضا الشعور بالخزي والعار أمام عقوق بعض أبنائك يا مصر