الأخبار
كرم جبر
غرائب وطرائف الوادي الجديد !
من غرائب وطرائف محافظة الوادي الجديد، أنها تشغل 44% من مساحة مصر ولا يسكنها سوي 250 ألف مواطن، بما يعادل سكان نصف شارع في دار السلام أو بولاق الدكرور، أو غيرها من المناطق المكتظة في القري والمدن، ويسود أهلها الهدوء والسلام والتمسك بالعادات والتقاليد، وشعبها - خصوصاً الشباب - مثقف جداً، ولديه وعي سياسي كبير.. فما الذي ينقصها لتسحب مخزون الكتل البشرية المختنقة في مصر؟
كان لي شرف حضور مؤتمر جماهيري كبير، في القاعة الكبري بالمحافظة يوم الأحد الماضي، بدعوة كريمة من المحافظ اللواء محمد سالمان الزملوط، وحضور أعداد كبيرة من شباب محافظات أسيوط والمنيا وسوهاج والوادي الجديد.. والمحافظ شخصية عسكرية محترمة، وكان قائداً للمنطقة الشمالية، وكانت له بصمات في مشروعات التنمية التي شهدتها تلك المنطقة.. وجاء تكليفه بالمنصب لجذب مزيد من الاستثمارات لمنطقة بالغة الأهمية، متروكة للإهمال والرمال.
شد انتباهي أن أسئلة واهتمامات الشباب الذين حضروا المؤتمر، لم تكن بشأن السياسة أو القضايا التي تطرحها برامج التوك شو، والتركيز كله علي توفير فرص استثمار للشباب، والتسهيلات لتملكهم الأراضي، سواء مشروعات صغيرة أو استثمارات كبري.. وبعد ذلك تأتي قضايا الإرهاب والانتخابات والإخوان والحرب في سيناء، بما يعني أن أجندة القضايا التي تطرحها وسائل الإعلام، لا تعبر عن اهتمامات الشباب، ولا تقدم طرحاً لمشاكلهم الحقيقية، ولا حلولاً لهمومهم مع التوظيف والاستثمار وفرص العمل.
محافظ الوادي الجديد كان واقعياً، في إلقاء الضوء علي مشاكل تملك الأراضي للشباب، وأن الهدف هو أن ينجحوا ويستمروا في مشروعاتهم، تجنباً للتجارب السابقة، التي أسفرت عن فشل مشروعات الاستثمار، والطرح الذي قدمه، أن تكون هناك مظلة حماية يعملون من خلالها، وعلي سبيل المثال فتكلفة البئر لا تقل عن 2 مليون جنيه، وإصلاحه يصل إلي 100 ألف جنيه إذا حدث عطل، وبالتالي فلابد من مجموعة كبيرة من الشباب يشتركون في تملك الأراضي، ويعملون من خلال شركة كبيرة تقدم لهم الدعم والتسهيلات، ولاقي هذا الطرح استحساناً كبيراً.
الوادي الجديد يحتاج لتسهيلات استثمارية كبيرة لجذب كبار المستثمرين، حتي يقدموا علي تلك المنطقة، التي لم تدرج حتي الآن في الخريطة الاستثمارية، باستثناء الـ 400 ألف فدان في مشروع المليون ونصف فدان، وبدأ العمل فيها بجدية، وتعتمد في الري علي المياه الجوفية، حيث يعوم الوادي الجديد فوق بحيرة كبيرة من المياه، التي تكفي ري الأراضي عشرات السنوات القادمة.
من الاقتصاد إلي السياسة، وسُئلت عن سد النهضة، وقلت إن الرئيس عندما قال »‬اطمئنوا»، فيجب أن نثق في ذلك، لأن الدولة المصرية لم تعد تتعامل بالمسكنات وإنما بالحلول الجذرية، وتم الاتفاق مع حكومات السودان وأثيوبيا علي البدء في اجتماعات للاتفاق علي كل النقاط الخلافية، ولا يؤثر في ذلك استقالة رئيس وزراء إثيوبيا، لأن مصلحتهم الملحة هي إبرام الاتفاق، الذي يحفظ حقوق كافة الدول، وأهمها ألا تنقص حصة مصر من المياه لتراً واحداً، واعترفوا بذلك خلال القمة الإفريقية.
نحتاج حوارات ولقاءات ممتدة مع الشباب، بالعقل والمنطق والصدق، وأن نتعامل مع عقولهم، التي لا تقبل إلا الاحترام.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف