هشام مبارك
رسالة للحبيب مؤمن عباس نجيب
أخي وصديقي وابن عمي وحبيبي مؤمن محمد العباس نجيب، أكتب إليك هذه الرسالة وأتمني عند نشرها أن يكون الله عز وجل قد منَّ عليك بالشفاء التام والإفاقة الكاملة من تلك الغيبوبة التي دخلت فيها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع نتيجة ذلك الحادث الصعب عندما اصطدم الموتسيكل الذي كنت تركبه بميكروباص ركاب.
نعم يا مؤمن أثق أنك ستقرأ هذا المقال قريبا جدا بل ولا أبالغ إذا قلت لك إن غيبوبتك هي فقط توقف قدرتك علي الكلام مع استمرار جميع أعضاء جسدك في العمل وبكفاءة، فلا غيبوبة لعقل مثل عقلك الذي يزن بلد ولا غيبوبة لقلب مثل قلبك الذي يسع العالم كله وأثق أنك في تلك اللحظة التي ترقد فيها مستسلما للغيبوبة تشعر بي وأنا أوجه لك هذه الكلمات ليس فقط لأتمني لك الشفاء ولأطلب من جميع القراء الأعزاء الدعاء لك ولكن أيضا لأنني أحاول الإجابة علي سؤال طالما ألح علي خاطري كثيرا: لماذا نحتاج مناسبة معينة لكي نقول لمن نحبهم أننا نحبهم؟ وهل تحتاج المشاعر الصادقة إلي مناسبة لنخرجها من داخلنا؟
هل تذكر يا مؤمن عندما كنا صغارا ننتظر الإجازة الصيفية علي أحر من الجمر لأننا سنغادر شقتنا في الأقصر ونهاجر جنوبا إلي البياضية حيث بيتنا الملاصق لبيتكم هناك، كانت فرحة الكبار طاغية الحاج أحمد مبارك يتنفس الصعداء وهو يقول:أخيرا رايح أتونس لغاية الفجر مع ولاد خالي نجيب الحاج عباس والحاج صلاح والحاج شكري مع العمدة يونس في ديوان العمدية الملاصق لبيتنا ولبيتكم وتفرح أمي بشهور سوف تقضيها في صحبة خالتي الحاجة زينب أم محسن وخالتي الحاجة مهدية أم حمودة أما عن فرحتي أنا فحدث ولا حرج فسأخرج من ضيق المدينة إلي سعة القرية ورحابتها وسألعب مع حمادة ومؤمن وفتحي كرة القدم في ديوان العائلة بعد أن ينضم إلينا أحمد عمر الفاروق ومحمد عبده رشيدي. هل تذكر يا مؤمن تلك المرجيحة الجميلة التي ابتكرتها أنت عندما ربطت حبلا غليظا بين طرفي الشجرتين الشهيرتين بالديوان ومع تزاحم كل أطفال العائليتن من بنات وبنين عليها قررت أن تقسم الوقت بيننا بحيث يحصل كل منا علي نصيبه من المرجيحة وقمت بدور الحكم ووضعت علي معصمك ساعة رقمية كانت جديدة في وقتها وكنت تدير الوقت بحسم وحزم وعدل بين الجميع.
أفق يا رجل من غيبوبتك وقم يا صديقي من رقدتك من أجلنا كلنا أحبابك وأصدقائك ومن أجل إيمان شريكة حياتك وابنك أحمد وبنتيك سارة وسهيلة. استيقظ يا مؤمن فحفيدتك جويرية تنتظرك ولا تكف عن السؤال عن جدو مؤمن يكفيك يا رجل تلك الاستراحة الإجبارية فكل الأهل والأحباب والجيران ينتظرون أن تعود لهم بوجهك البشوش المبتسم الضاحك الذي لم يعبس يوما في وجه إنسان والكل مشتاق للسانك الذي أشهد أنني لم أسمعه يوما يتلفظ بلفظ خارج ولم أضبطه أبدا في حالة نميمة نحسبك كذلك ولا نزكيك علي الله.
انتهي المقال يا مؤمن ولم ينته حديث الذكريات والتي أنتظر شفاءك التام بإذن الله لنعيشها مجددا في الديوان، وسأنتظر صوتك عقب نشر المقال لتناقشني فيه وأثق أنك كما لم تخذلني أبدا في أي طلب فلن تخذلني أيضا هذه المرة فمن له أخ مثلك أبدا لن يعرف الخذلان.