الدول لا تحكم بعساكرها وإنما بهيبتها، ومن مكونات الهيبة القضاء المستقل، حارس العدالة والقانون والحقوق والحريات، وفي عز الأزمة ونفق المحنة وحكم الجماعة الإرهابية الباغية، لم يضعف قضاء مصر ولم يفرط ولم يخضع، وكان شوكة في ظهر من أرادوا إضعاف الدولة، والنيل من هيبتها واستقلالها، ولم يقبلوا أن يكون الجلاد حكمًا أو حاكمًا، ولا أن يقفز الأراجوز أعلي من منصة القانون، ولا أن تكون أيديهم باطشة، يحركها حاكم مهزوز وجماعة ظالمة.
والدولة ليست حكومة ولا نظامًا ولا حزبًا ولا رئيسًا ولا حاكمًا ولا زعيمًا، وإنما المؤسسات الوطنية التي ترسيها كالجبال، وأولهم جيش مصر، الحارس الأمين علي الشعب والأرض، ويدفع من أرواح ودماء أبنائه ثمنًا غاليًا، لتظل الرايات خفاقة في السماء، وتبقي الأرض مصانة والشعب آمنًا وسالمًا.
جيش مصر خط أحمر، لأنه المنقذ الذي تنشق عنه الأرض في المحن والأزمات، فيحمي البلاد ويصون الاستقلال ويحفظ أمن المصريين وسلامتهم، وترسخ هذا المفهوم ثبوت الجبال في وجدان العسكرية المصرية، وبعد 25 يناير وما تلاها من أحداث صاخبة، حدث مثلها في دول مجاورة، فمزقتها وأوقعتها في آتون صراعات مهلكة، أما مصر فقد خرجت من المحنة سالمة، بأقل قدر من الخسائر، بفضل جيشها الذي حمي نفسه وأنقذ البلاد من الانهيار، وشكلت حائط صد للذود عن سلطات الدولة الأخري كالقضاء والشرطة.
ومن سلطات الدولة التي تحفظ هيبتها وقوتها أجهزة الأمن، بالمفهوم الحرفي لكلمة »أمن».. الشرطة التي تعلي راية القانون وتصون حقوق الإنسان، لا تظلم ولا تتجبر ولا تنتهك، وترتدي فوق قبضة القانون الحديدية قفازًا حريريًا حتي لا تؤلم ولا تجرح، وتحترم روح القانون قبل نصوصه.. الشرطة التي بحثنا عنها بعد 25 يناير، لتنقذنا بعد أن ساد الخوف وانتشر المجرمون والبلطجية والعصابات، فنهبوا بيوت الناس وانتهكوا الأعراض وسرقوا السيارات.. الشرطة التي تحفظ هيبة الدولة هي التي تصون كرامة الشعب وتحميه من الخوف.
أرض مصر مقدسة ونذود عنها حتي آخر قطرة من دمنا، كانت وبقيت وستظل إلي أن يرث الله الأرض وما عليها، الأرض هي العرض والحياة والموت، عشنا فوقها ولن يحتوينا إلا قبرها، ولن يتشرد شعبها أو تهتز تحت أقدامهم، ومن أجمل ما غنينا لها »دع سمائي فسمائي محرقة.. دع قنالي فمياهي مغرقة.. واحذر الأرض فأرضي صاعقة.. هذه أرضي أنا وأبي ضحي هنا.. وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا.. أنا شعب وفدائي وثوره.. ودم يصنع للإنسان فجره.. ترتوي أرضي به من كل قطره.. وستبقي مصر حره.. مصر حره».
لدينا دولة عقدت العزم علي قهر المستحيل، وتسابق الزمن لإصلاح كل الأوضاع، ولا يخفي الرئيس علي الناس حقيقة التحديات وصعوبتها، ويطلب منهم الصبر والتحمل، مؤكدًا أن غدًا سيكون أفضل، ورئيس الدولة لا يروج لأحلام وردية ولا يسوق شعارات براقة، وإنما يصارح الناس، ويوضح لهم كيفية الخروج من النفق المظلم، وغالبية المصريين يثقون فيه ويقدرون جهوده وإخلاصه وصدقه، واحترام العالم لمصر ودورها ومكانتها.